أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٥١٤
وجزاؤها في أول هذه السورة الكريمة جاءت هي وجزاؤها أيضا في آخرها، وذلك في قوله: * (فأمآ إن كان من المقربين فروح وريحان وجنات نعيم وأمآ إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين وأمآ إن كان من المكذبين الضآلين فنزل من حميم وتصلية جحيم) *.
والمكذبون هم أصحاب المشأمة وهم أصحاب الشمال.
وذكر تعالى بعض صفات أصحاب الميمنة والمشأمة في البلد في قوله تعالى: * (فك رقبة أو إطعام فى يوم ذى مسغبة يتيما ذا مقربة) * إلى قوله تعالى * (أولائك أصحاب الميمنة والذين كفروا بأاياتنا هم أصحاب المشأمة عليهم نار مؤصدة) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (مآ أصحاب الميمنة) *، وقوله: * (مآ أصحاب المشأمة) * استفهام أريد به التعجب من شأن هؤلاء في السعادة، وشأن هؤلاء في الشقاوة، والجملة فيهما مبتدأ وخبر، وهي خبر المبتدأ قبله، وهو أصحاب الميمنة في الأول وأصحاب المشأمة في الثاني.
وهذا الأسلوب يكثر في القرآن نحو * (الحاقة ما الحآقة) *، * (القارعة ما القارعة) *. والرابط في جملة الخبر في جميع الآيات المذكورة هو إعادة لفظ المبتدأ في جملة الخبر كما لا يخفى، وقوله: * (والسابقون) * لم يذكر فيه استفهام تعجب كما ذكره فيما قبله، ولكنه ذكر في مقابلة تكرير لفظ السابقين.
والأظهر في إعرابه أنه مبتدأ وخبر على عادة العرب في تكريرهم اللفظ وقصدهم الإخبار بالثاني عن الأول، يعنون أن اللفظ المخبر عنه هو المعروف خبره الذي لا يحتاج إلى تعريف ومنه قول أبي النجم: والأظهر في إعرابه أنه مبتدأ وخبر على عادة العرب في تكريرهم اللفظ وقصدهم الإخبار بالثاني عن الأول، يعنون أن اللفظ المخبر عنه هو المعروف خبره الذي لا يحتاج إلى تعريف ومنه قول أبي النجم:
* أنا أبو النجم وشعري شعري * لله درى ما أجن صدري * فقوله: وشعري شعري يعني شعري هو الذي بلغك خبره، وانتهى إليك وصفه.
* (ثلة من الا ولين * وقليل من الا خرين * على سرر موضونة * متكئين عليها متقابلين * يطوف عليهم ولدان مخلدون * بأكواب وأباريق وكأس من معين * لا يصدعون عنها ولا ينزفون * وفاكهة مما يتخيرون * ولحم طير مما يشتهون * وحور عين * كأمثال اللؤلؤ المكنون * جزآء بما كانوا يعملون * لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما * وأصحاب اليمين مآ أصحاب اليمين * فى سدر مخضود * وطلح منضود * وظل ممدود * ومآء مسكوب * وفاكهة كثيرة * لا مقطوعة ولا ممنوعة * وفرش مرفوعة * إنآ أنشأناهن إنشآء * فجعلناهن أبكارا * عربا أترابا * لاصحاب اليمين * ثلة من الا ولين * وثلة من الا خرين * وأصحاب الشمال مآ أصحاب الشمال * فى سموم وحميم * وظل من يحموم * لا بارد ولا كريم * إنهم كانوا قبل ذلك مترفين * وكانوا يصرون على الحنث العظيم * وكانوا يقولون أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون * أو ءابآؤنا الا ولون * قل إن الا ولين والا خرين * لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) * قوله تعالى: * (ثلة من الا ولين وقليل من الا خرين) *. وقوله: ثلة: خبر مبتدأ محذوف، والتقدير، هم ثلة، والثلة الجماعة من الناس،
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»