قوله تعالى: * (يوم تمور السمآء مورا) *، ولكنه لا يخلو عندي من بعد.
وما ذكره تعالى في هذه الآية الكريمة من انشقاق السماء يوم القيامة، جاء موضحا في آيات كثيرة كقوله تعالى: * (إذا السمآء انشقت) * وقوله تعالى * (فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السمآء) * وقوله: * (ويوم تشقق السمآء بالغمام) *. وقوله: * (إذا السمآء انفطرت) *، وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة ق في الكلام على قوله تعالى: * (وما لها من فروج) *. قوله تعالى: * (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جآن) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أنه يوم القيامة لا يسأل إنسا ولا جانا عن ذنبه، وبين هذا المعنى في قوله تعالى في القصص: * (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) *.
وقد ذكر جل وعلا في آيات أخر أنه يسأل جميع الناس يوم القيامة الرسل والمرسل إليهم، وذلك في قوله تعالى * (فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين) *، وقوله * (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) *.
وقد جاءت آيات من كتاب الله مبينة لوجه الجمع بين هذه الآيات، التي قد يظن غير العالم أن بينها اختلافا، اعلم أولا أن للسؤال المنفي في قوله هنا * (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جآن) *، وقوله * (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) * أخص من السؤال المثبت في قوله * (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) *، لأن هذه فيها تعميم السؤال في كل عمل، والآيتان قبلها ليس فيهما نفي السؤال إلا عن الذنوب خاصة، وللجمع بين هذه الآيات أوجه معروفة عند العلماء.
الأول منها: وهو الذي دل عليه القرآن، وهو محل الشاهد عندنا من بيان القرآن بالقرآن هنا، هو أن السؤال نوعان: أحدهما سؤال التوبيخ والتقريع وهو من أنواع العذاب، والثاني هو سؤال الاستخبار والاستعلام.
فالسؤال المنفي في بعض الآيات هو سؤال الاستخبار والاستعلام، لأن الله أعلم