أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٥١٥
وأصلها القطعة من الشيء وهي الثل، وهو الكسر.
وقال الزمخشري: والثلة من الثل، وهو الكسر، كما أن الأمة من الأم وهو الشبح، كأنها جماعة كسرت من الناس، وقطعت منهم. ا ه. منه.
واعلم أن الثلة تشمل الجماعة الكثيرة، ومنه قول الشاعر: واعلم أن الثلة تشمل الجماعة الكثيرة، ومنه قول الشاعر:
* فجاءت إليهم ثلة خندفية * بجيش كتيار من السيل مزيد * لأن قوله: تيار من السيل: يدل على كثرة هذا الجيش المعبر عنه بالثلة.
وقد اختلف أهل العلم في المراد بهذه الثلة من الأولين، وهذا القليل من الآخرين المذكورين هنا، كما اختلفوا في الثلتين المذكورتين في قوله: * (ثلة من الا ولين وثلة من الا خرين) *. فقال بعض أهل العلم: كل هؤلاء المذكورين من هذه الأمة، وأن المراد بالأولين منهم الصحابة.
وبعض العلماء يذكر معهم القرون المشهود لهم بالخير في قوله صلى الله عليه وسلم (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم) الحديث. والذين قالوا: هم كلهم من هذه الأمة، قالوا: إنما المراد بالقليل، وثلة من الآخرين، وهم من بعد ذلك إلى قيام الساعة.
وقال بعض العلماء: المراد بالأولين في الموضعين الأمم الماضية قبل هذه الأمة، فالمراد بالآخرين فيهما هو هذه الأمة.
قال مقيده عفا الله عنه، وغفر له: ظاهر القرآن في هذا المقام: أن الأولين في الموضعين من الأمم الماضية، والآخرين فيهما من هذه الأمة، وأن قوله تعالى: * (ثلة من الا ولين وقليل من الا خرين) * في السابقين خاصة، وأن قوله: * (ثلة من الا ولين وثلة من الا خرين) * في أصحاب اليمين خاصة.
وإنما قلنا: إن هذا هو ظاهر القرآن في الأمور الثلاثة، التي هي شمول الآيات لجميع الأمم، وكون قليل من الآخرين في خصوص السابقين، وكون ثلة من الآخرين في خصوص أصحاب اليمين لأنه واضح من سياق الآيات.
أما شمول الآيات لجميع الأمم فقد دل عليه أول السورة، لأن قوله: * (إذا وقعت الواقعة) * إلى قوله * (فكانت هبآء منبثا) * لا شك أنه لا يخص أمة دون أمة، وأن
(٥١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»