قد قدمنا أن الأظهر عندنا أن قوله * (إذا رجت) *. بدل من قوله * (إذا وقعت الواقعة) *، والرج: التحريك الشديد، وما دلت عليه هذه الآية من أن الأرض يوم القيامة تحرك تحريكا شديدا جاء موضحا في آيات أخر كقوله تعالى: * (إذا زلزلت الا رض زلزالها) *، وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في أول سورة الحج في الكلام على قوله تعالى: * (إن زلزلة الساعة شىء عظيم) * وقوله تعالى: * (وبست الجبال بسا) * في معناه لأهل العلم أوجه متقاربة، لا يكذب بعضها بعضا وكلها حق، وكلها يشهد له قرآن.
وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن الآية الكريمة قد يكون فيها أوجه كلها حق وكلها يشهد له قرآن، فنذكر جميع الأوجه وأدلتها القرآنية.
قال أكثر المفسرين * (وبست الجبال بسا) * أي فتت تفتيتا حتى صارت كالبسيسة، وهي دقيق ملتوت بسمن، ومنه قول لص من غطفان أراد أن يخبز دقيقا عنده فخاف أن يعجل عنه، فأمر صاحبيه أن يلتاه ليأكلوه دقيقا ملتوتا، وهو البسيسة. وبست الجبال بسا) * أي فتت تفتيتا حتى صارت كالبسيسة، وهي دقيق ملتوت بسمن، ومنه قول لص من غطفان أراد أن يخبز دقيقا عنده فخاف أن يعجل عنه، فأمر صاحبيه أن يلتاه ليأكلوه دقيقا ملتوتا، وهو البسيسة.
* لا تخبزا خبزا وبسابسا * ولا تطيلا بمناخ حبسا * وهذا الوجه يشهد له قرآن كقوله تعالى: * (يوم ترجف الا رض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا) *، فقوله: * (كثيبا مهيلا) * أي رملا متهايلا، ومنه قول امرئ القيس: كثيبا مهيلا) * أي رملا متهايلا، ومنه قول امرئ القيس:
* ويوما على ظهر الكثيب تعذرت * علي وآلت حلفة لم تحلل * ومشابهة الدقيق المبسوس بالرمل المتهايل واضحة، فقوله: * (وكانت الجبال كثيبا مهيلا) * مطابق في المعنى لتفسير * (وبست الجبال بسا) * بأن بسها هو تفتيتها وطحنها كما ترى.
وما دلت عليه هذه الآيات من أنها تسلب عنها قوة الحجرية وتتصف بعد الصلابة والقوة باللين الشديد الذي هو كلين الدقيق، والرمل المتهايل يشهد له في الجملة تشبيهها في بعض الآيات بالصوف المنفوش الذي هو العهن، كقوله تعالى * (وتكون الجبال كالعهن المنفوش) *، وقوله تعالى: * (يوم تكون السمآء كالمهل وتكون