فقد دلت عليه آيات كثيرة من كتاب الله كقوله تعالى * (فيهآ أنهار من مآء غير ءاسن) * وقوله * (إن المتقين فى جنات وعيون) * وقوله * (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من المآء) *. إلى غير ذلك من الآيات.
والمسكوب اسم مفعول سكب الماء ونحوه إذا صبه بكثرة، والمفسرون يقولون: إن أنهار الجنة تجري في غير أخدود، وأن الماء يصل إليهم أينما كانوا كيف شاءوا، كما قال تعالى * (عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا) * وأما قوله * (وفاكهة كثيرة) *: فقد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الطور في الكلام على قوله تعالى * (وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون) *. قوله تعالى: * (إنآ أنشأناهن إنشآء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لاصحاب اليمين) *. الضمير في أنشأناهن: قال بعض أهل العلم: هو راجع إلى مذكور، وقال بعض العلماء. هو راجع إلى غير مذكور، إلا أنه دل عليه المقام.
فمن قال إنه راجع إلى مذكور، قال هو راجع إلى قوله * (وفرش مرفوعة) * قال: لأن المراد بالفرش النساء، والعرب تسمي المرأة لباسا وإزارا وفراشا ونعلا، وعلى هذا فالمراد بالرفع في قوله * (مرفوعة) * رفع المنزلة والمكانة.
ومن قال: إنه راجع إلى غير مذكور، قال: إنه راجع إلى نساء لم يذكرن، ولكن ذكر الفرش دل عليهن. لأنهن يتكئن عليها مع أزواجهن.
وقال بعض العلماء: المراد بهن الحور العين، واستدل من قال ذلك بقوله * (إنآ أنشأناهن إنشآء) * لأن الإنشاء هو الاختراع والابتداع.
وقالت جماعة من أهل العلم: أن المراد بهن بنات آدم التي كن في الدنيا عجائز شمطا رمصا، وجاءت في ذلك آثار مرفوعة عنه صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا القول: فمعنى أنشأناهن إنشاء أي خلقناهن خلقا جديدا.
وقوله تعالى * (فجعلناهن) * أي فصيرناهن أبكارا، وهو جمع بكر، وهو ضد الثيب.
وقوله * (عربا) * قرأه عامة القراء السبعة غير حمزة وشعبة عن عاصم * (عربا) *