أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٥١٠
الصالحات فأولائك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار) * وقوله تعالى: * (وللا خرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا) * والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة.
وقال بعض العلماء: تقديره خافضة أقواما كانوا مرتفعين في الدنيا رافعة أقواما كانوا منخفضين في الدنيا، وهذا المعنى تشهد له آيات من كتاب الله تعالى، كقوله تعالى: * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين ءامنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون) * إلى قوله * (فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون على الا رآئك ينظرون) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقال بعض العلماء: تقديره، خافضة بعض الأجرام التي كانت مرتفعة كالنجوم التي تسقط وتتناثر يوم القيامة، وذلك خفض لها بعد أن كانت مرتفعة، كما قال تعالى: * (وإذا الكواكب انتثرت) * وقال تعالى: * (وإذا النجوم انكدرت) *.
رافعة: أي رافعة بعض الأجرام التي كانت منخفضة كالجبال التي ترفع من أماكنها وتسير بين السماء والأرض كما قال تعالى: * (ويوم نسير الجبال وترى الا رض بارزة) *، فقوله: * (وترى الا رض بارزة) *، لأنها لم يبق على ظهرها شيء من الجبال، وقال تعالى: * (وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب) *.
وقد قدمنا أن التحقيق الذي دل عليه القرآن، أن ذلك يوم القيامة، وأنها تسير بين السماء والأرض كسير السحاب الذي هو المزن.
وقد صرح بأن الجبال تحمل هي والأرض أيضا يوم القيامة. وذلك في قوله تعالى: * (فإذا نفخ فى الصور نفخة واحدة وحملت الا رض والجبال) *.
وعلى هذا القول، فالمراد تعظيم شأن يوم القيامة، وأنه يختل فيه نظام العالم، وعلى القولين الأولين، فالمراد الترغيب والترهيب، ليخاف الناس في الدنيا من أسباب الخفض في الآخرة فيطيعوا الله ويرغبوا في أسباب الرفع فيطيعوه أيضا، وقد قدمنا مرارا أن الصواب في مثل هذا حمل الآية على شمولها للجميع. قوله تعالى: * (إذا رجت الا رض رجا وبست الجبال بسا فكانت هبآء منبثا) *.
(٥١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 ... » »»