ولا بكم) * في أمور الدنيا كما قدمنا. فإن قيل: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم العلاء الأنصارية ما يدل على أن قوله: * (ما يفعل بى) * أي في الآخرة فإن حديثها في قصة وفاة عثمان بن مظعون رضي الله عنه عندهم، ودخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، أنها قالت: رحمة الله عليك، أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله عز وجل تعني عثمان بن مظعون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما يدريك أن الله أكرمه؟) فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي) الحديث.
فالجواب هو ما ذكره الحافظ ابن كثير رحمه الله، فقد قال في تفسير هذه الآية الكريمة، بعد أن ساق حديث أم العلاء المذكور بالسند الذي رواه به أحمد رحمه الله انفرد به البخاري دون مسلم، وفي لفظ له (ما أدري وأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يفعل به)، وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ بدليل قولها فأحزنني ذلك ا ه. محل الغرض منه وهو الصواب إن شاء الله، والعلم عند الله تعالى.
* (قل أرءيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بنى إسراءيل على مثله فأامن واستكبرتم إن الله لا يهدى القوم الظالمين * وقال الذين كفروا للذين ءامنوا لو كان خيرا ما سبقونآ إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هاذآ إفك قديم * ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهاذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين * إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * أولائك أصحاب الجنة خالدين فيها جزآء بما كانوا يعملون * ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت على وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لى فى ذريتى إنى تبت إليك وإنى من المسلمين * أولائك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم فى أصحاب الجنة وعد الصدق الذى كانوا يوعدون * والذى قال لوالديه أف لكمآ أتعداننى أن أخرج وقد خلت القرون من قبلى وهما يستغيثان الله ويلك ءامن إن وعد الله حق فيقول ما هاذآ إلا أساطير الا ولين * أولائك الذين حق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين * ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون) * قوله تعالى: * (قل أرءيتم إن كان من عند الله وكفرتم به) *. جواب الشرط في هذه الآية محذوف.
وأظهر الأقوال في تقديره إن كان هذا القرآن من عند الله وكفرتم به، وجحدتموه فأنتم ضلال ظالمون. وكون جزاء الشرط في هذه الآية كونهم ضالين ظالمين بينه قوله تعالى في آخر فصلت: * (قل أرءيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو فى شقاق بعيد) *، وقوله في آية الأحقاف هذه * (فأامن واستكبرتم إن الله لا يهدى القوم الظالمين) *.
وقال أبو حيان في البحر: مفعولا أرأيتم محذوفان لدلالة المعنى عليهما.
والتقدير: أرأيتم حالكم، إن كان كذا ألستم ظالمين.
فالأول حالكم، والثاني ألستم ظالمين، وجواب الشرط محذوف أي فقد ظلمتم.
ولذلك جاء فعل الشرط ماضيا.