أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٠٢
ربى هاذا بصآئر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) *، وقوله تعالى في الأنعام * (قد جآءكم بصآئر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها ومآ أنا عليكم بحفيظ) *.
وما تضمنته آية الجاثية من أن القرآن بصائر وهدى ورحمة، ذكر تعالى مثله في سورة القصص عن كتاب موسى الذي هو التوراة في قوله تعالى: * (ولقد ءاتينا موسى الكتاب من بعد مآ أهلكنا القرون الا ولى بصآئر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون) *.
وما تضمنته آية الجاثية هذه من كون القرآن هدى ورحمة جاء موضحا في غير هذا الموضع.
أما كونه هدى فقد ذكرنا الآيات الموضحة له قريبا.
وأما كونه رحمة فقد ذكرنا الآيات الموضحة له في الكهف في الكلام على قوله تعالى * (فوجدا عبدا من عبادنآ ءاتيناه رحمة من عندنا) *، وفي أولها في الكلام على قوله تعالى * (الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب) *. وفي فاطر في الكلام على قوله تعالى * (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها) *. وفي الزخرف في الكلام على قوله: * (أهم يقسمون رحمة ربك) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (لقوم يوقنون) *، أي لأنهم هم المنتفعون به.
وفي هذه الآية الكريمة سؤال عربي معروف.
وهو أن المبتدأ الذي هو قوله * (هاذا) * اسم إشارة إلى مذكر مفرد، والخبر الذي هو بصائر جمع مكسر مؤنث.
فيقال: كيف يسند الجمع المؤنث المكسر إلى المفرد المذكر؟
والجواب: أن مجموع القرآن كتاب واحد، تصح الإشارة إليه بهذا، وهذا الكتاب الواحد يشتمل على براهين كثيرة، فصح إسناد البصائر إليه لاشتماله عليها كما لا يخفى. قوله تعالى: * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات) *. قد قدمنا الكلام عليه في سورة (ص) في الكلام على قوله تعالى: * (أم نجعل الذين
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»