، عن إبراهيم النخعي: كانوا يرون أنه يفرغ من حساب الناس يوم القيامة، نصف النهار. فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، فذلك قوله: * (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) *.
وأخرج ابن جرير، عن سعيد بن الصواف قال: بلغني أن يوم القيامة يقصر على المؤمن، حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس، وإنهم ليقيلون في رياض الجنة، حين يفرغ الناس من الحساب، وذلك قوله: * (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) * إلى أن قال: وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: إني لأعرف الساعة التي يدخل فيها أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، الساعة التي يكون فيها ارتفاع الضحى الأكبر، إذا انقلب الناس إلى أهليهم، للقيولة، فينصرف أهل النار إلى النار، وأما أهل الجنة فينطلق بهم إلى الجنة، فكانت قيلولتهم في الجنة، وأطعموا كبد الحوت فأشبعهم كلهم فذلك قوله. * (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) * انتهى منه.
وذكر نحوه القرطبي مرفوعا وقال: ذكره المهدوي. والظاهر أنه لا يصح مرفوعا، وقال القرطبي أيضا: (وذكر قاسم بن أصبغ من حديث أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فقلت ما أطول هذا اليوم. فقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة المكتوبة) وهو ضعيف أيضا، وما ذكره عن ابن مسعود من أنه قرأ ثم * (ءان * مرجعهم لإلى الجحيم) * معلوم أن ذلك شاذ لا تجوز القراءة به، وأن القراءة * (الحق * ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم) *.
واعلم أن قول قتادة في هذه الآية معروف مشهور، وعليه فلا دليل في الآية لما ذكرنا، وقول قتادة هو أن معنى قوله: * (وأحسن مقيلا) * أي منزلا ومأوى، وهذا التفسير لا دليل فيه على القيلولة في نصف النهار كما ترى.
وقد بينا في كتابنا: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب: وجه الجمع بينا ما دل عليه قوله هنا * (وأحسن مقيلا) * من انقضاء الحساب في نصف نهار، وبين ما دل عليه قوله تعالى: * (فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) * وذكرنا الآيات المشيرة إلى الجمع، وبعض الشواهد العربية.