أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٩
يتوفى الذين كفروا الملئكة يضربون وجوههم وأدبارهم) * الآية وقوله تعالى: * (ولو ترى إذ الظالمون فى غمرات الموت والملئكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن ءاياته تستكبرون) * وقوله تعالى: * (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم) * وأما رؤيتهم الملائكة يوم القيامة فلا بشرى لهم فيها أيضا، ويدل لذلك قوله تعالى: * (ولو أنزلنا ملكا لقضى الامر ثم لا ينظرون) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (لا بشرى يومئذ للمجرمين) * يدل بدليل خطابه: أي مفهوم مخالفته، أن غير المجرمين يوم يرون الملائكة تكون لهم البشرى، وهذا المفهوم من هذه الآية جاء مصرحا به في قوله تعالى: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملئكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة. * (ويقولون حجرا محجورا) * أظهر القولين فيه عندي أنه من كلام الكفار، يوم يرون الملائكة. لا من كلام الملائكة وإيضاحه: أن الكفار الذين اقترحوا إنزال الملائكة إذا رأوا الملائكة توقعوا العذاب من قبلهم، فيقولون حينئذ للملائكة: حجرا محجورا: أي حراما محرما عليكم أن تسمونا بسوء أي لأننا لم نركتب ذنبا نستوجب به العذاب، كما أوضحه تعالى بقوله عنهم * (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون) * فقولهم: ما كنا نعمل من سوء: أي لم نستوجب عذابا فتعذبينا حرام محرم، وقد كذبهم الله في دعواهم هذه بقوله: * (بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون) * وعادة العرب الذين نزل القرآن بلغتهم، أنهم يقولون هذا الكلام: أي حجرا محجورا عند لقاء عود موتور أو هجوم نازلة أو نحو ذلك.
وقد ذكر سيبويه هذه الكلمة أعني: حجرا محجورا في باب المصادر غير المتصرفة المنصوبة فأفعال متروك إظهارها نحو: معاذ الله، وعمرك الله، ونحو ذلك
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»