أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٤٧
ويتمنى أنه لم يتخذ من أضله خليلا، ذكره في غير هذا الموضع، أما دعاء الكفار بالويل: فقد تقدم في قوله تعالى: * (وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا * لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا) * وأما تمنيهم لعدم طاعة من أضلهم، فقد ذكره أيضا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: * (وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا) * فلفظة لو في قوله * (لو أن لنا كرة) * للتمني، ولذلك نصب الفعل المضار بعد الفاء في قوله * (فنتبرأ منهم) * الآية . وهو دليل واضح على ندمهم على موالاتهم، وطاعتهم في الدنيا، وما ذكره جل وعلا هنا من أن أخلاء الضلال من شياطين الإنس والجن، يضلون أخلاءهم عن الذكر بعد إذ جاءهم ذكره في غير هذا الموضع كقوله تعالى: * (وإخوانهم يمدونهم فى الغى ثم لا يقصرون) * وقوله تعالى: * (وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم) * الآية وقوله تعالى: * (ويوم يحشرهم جميعا يامعشر يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس) *، وقوله تعالى: * (ويوم يحشرهم جميعا يامعشر يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس) *؛ وقوله تعالى: * (وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا) * وقوله تعالى: * (حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لاولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فئاتهم عذابا ضعفا من النار) * وقوله تعالى: * (ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم) * الآيات. إلى غير ذلك من الآيات، وقوله: تعالى هنا: * (وكان الشيطان للإنسان خذولا) * الأظهر أنه من كلام الله، وليس من كلام الكافر النادم يوم القيامة، والخذول صيغة مبالغة، والعرب تقول: خذله إذا ترك نصره مع كونه يترقب النصر منه، ومنه قوله تعالى: * (وإن يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده) * وقول الشاعر:
* إن المرء ميتا بانقضاء حياته * ولكن بأن يبغي عليه فيخذلا * وقول الآخر: وقول الآخر:
* إن الألى وصفوا قومي لهم فبهم * هذا اعتصم تلق من عاداك مخذولا * ومن الآيات الدالة على أن الشيطان يخذل الإنسان قوله تعالى: * (وقال الشيطان لما قضى الامر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخى) * وقوله تعالى: * (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص) * الآية. وقوله تعالى في هذه الآية * (لقد أضلنى عن الذكر) * الأظهر أن الذكر القرآن وقوله: * (لم أتخذ فلانا) * العرب تطلق لفظة فلان كناية عن العلم: أي لم اتخذ أبيا أو أمية خليلا، ويكنون عن علم الأنثى بفلانة ومنه قول عروة بن حزام العذرى:
* ألا قاتل الله الوشاة وقولهم * فلانة أضحت خلة لفلان * وقوله: * (بعض الظالمين) * من عضض بكسر العين في الماضي، يعض بفتحها في المضارع على القياس، ومنه قول الحارث بن وعلة الدهلي: وقوله: * (بعض الظالمين) * من عضض بكسر العين في الماضي، يعض بفتحها في المضارع على القياس، ومنه قول الحارث بن وعلة الدهلي:
* الآن لما ابيض مسربتي * وعضضت من نابى على جذم * فإن الرواية المشهورة في البيت عضضت بكسر الضاد الأولى وفيها لغة بفتح العين في الماضي، والكسر أشهر، وعض تتعدى بعلى كما في الآية وبيت الحارث بن وعلة، المذكورين وربما عديت بالباء ومنه قوله ابن أبي ربيعة: فإن الرواية المشهورة في البيت عضضت بكسر الضاد الأولى وفيها لغة بفتح العين في الماضي، والكسر أشهر، وعض تتعدى بعلى كما في الآية وبيت الحارث بن وعلة، المذكورين وربما عديت بالباء ومنه قوله ابن أبي ربيعة:
* فقالت وعضت بالبنان فضحتني * وأنت امرؤ ميسور أمرك أعسر * وهذه الآية الكريمة تدل على أن قرين السوء، قد يدخل قرينه النار والتحذير من قرين السوء مشهور معروف، وقد بين جل وعلا في سورة الصافات: أن رجلا من أهل الجنة أقسم بالله أن قرينه كاد يرديه أي يهلكه بعذاب النار، ولكن لطف الله به فتداركه برحمته وإنعامه فهداه وأنقذه من النار، وذلك في قوله تعالى: * (قال قائل منهم إنى كان لى
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»