والسبيل التي يتمنى الكافر أن يتخذها مع الرسول المذكورة في هذه الآية، ذكرت أيضا في آيات أخر كقوله تعالى في هذه السورة الكريمة سورة الفرقان * (قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) * وقوله تعالى: * (إن هاذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا) * في المزمل والإنسان، ويقرب من معناه المآب المذكور في قوله تعالى: * (ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مئابا) * وما ذكره هنا من أن الكافر ينادي بالويل، ويتمنى أنه لم يتخذ من أضله خليلا، ذكره في غير هذا الموضع، أما دعاء الكفار بالويل: فقد تقدم في قوله تعالى: * (وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا * لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا) * وأما تمنيهم لعدم طاعة من أضلهم، فقد ذكره أيضا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: * (وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا) * فلفظة لو في قوله * (لو أن لنا كرة) * للتمني، ولذلك نصب الفعل المضار بعد الفاء في قوله * (فنتبرأ منهم) * الآية. وهو دليل واضح على ندمهم على موالاتهم، وطاعتهم في الدنيا، وما ذكره جل وعلا هنا من أن أخلاء الضلال من شياطين الإنس والجن، يضلون أخلاءهم عن الذكر بعد إذ جاءهم ذكره في غير هذا الموضع كقوله تعالى: * (وإخوانهم يمدونهم فى الغى ثم لا يقصرون) * وقوله تعالى: * (وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم) * الآية وقوله تعالى: * (ويوم يحشرهم جميعا يامعشر يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس) *، وقوله تعالى: * (ويوم يحشرهم جميعا يامعشر يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس) *؛ وقوله تعالى: * (وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا) * وقوله تعالى: * (حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لاولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فئاتهم عذابا ضعفا من النار) * وقوله تعالى: * (ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم) * الآيات. إلى غير ذلك من الآيات، وقوله: تعالى هنا: * (وكان الشيطان للإنسان خذولا) * الأظهر أنه من كلام الله، وليس من كلام الكافر النادم يوم القيامة، والخذول صيغة مبالغة، والعرب تقول: خذله إذا ترك نصره مع كونه يترقب النصر منه، ومنه قوله تعالى: * (وإن يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده) * وقول الشاعر:
(٤٦)