في أنه ليس على علم مما يقوله؛ لأن من جزم بشئ ثم جوز فيه النقيضين دل ذلك على أنه ليس على علم مما جزم به.
والأظهر الذي لا يلزمه إشكال أن الترتيب بالفاء لمجرد الترتيب الذكري والإتيان بأداة الترتيب لمجرد الترتيب الذكرى فقط، دون إرادة ترتيب الصفات أو الموصوفات أسلوب عربي معروف جاء في القرءان في مواضع، وهو كثير في كلام العرب.
ومن أمثلته في القرءان العظيم، قوله تعالى: * (فلا اقتحم العقبة وما ادرك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام فى يوم ذى مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة * ثم كان من الذين ءامنوا) *، فلا يخفى أن * (ثم) * حرف ترتيب وأن المرتب به الذي هو كونه * (من الكتاب يؤمنون) * لا ترتب له على ما قبله إلا مطلق الترتيب الذكري، ومن ذلك أيضا قوله تعالى: * (وأن هاذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذالكم وصاكم به لعلكم تتقون * ثم ءاتينا موسى الكتاب تماما على الذى أحسن وتفصيلا لكل شىء) *، كما لا يخفى أن الترتيب فيه ذكري.
وقد قدمنا الكلام على هذا في سورة (البقرة)، في الكلام على قوله تعالى: * (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) *، ومن أمثلة ذلك في كلام العرب قوله: وقد قدمنا الكلام على هذا في سورة (البقرة)، في الكلام على قوله تعالى: * (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) *، ومن أمثلة ذلك في كلام العرب قوله:
* إن من ساد ثم ساد أبوه * ثم قد ساد قبل ذلك جده * وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (ورب المشارق) *، لم يذكر في هذه الآية إلا المشارق وحدها، ولم يذكر فيها المغارب.
وقد بينا في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب): وجه اختلاف ألفاظ الآيات في ذلك، فقلنا فيه في الكلام على قوله تعالى: * (ولله المشرق والمغرب) *، ما لفظه أفرد في هذه الآية الكريمة المشرق والمغرب، وثناهما في سورة (الرحمان)، في قوله تعالى: * (رب المشرقين ورب المغربين) *، وجمعهما في سورة (سأل سائل)، في قوله تعالى: * (فلا أقسم برب المشارق والمغارب) *، وجمع المشارق في سورة (الصافات)، في قوله تعالى: * (رب * السماوات والارض وما بينهما ورب المشارق) *.