أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٢٨٩
فلا هادي له) *، وقوله تعالى: * (ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم) *.
وقوله تعالى: * (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون) *، وقوله تعالى: * (وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون) *، وقوله تعالى: * (الذين كانت أعينهم فى غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا) *، والآيات بمثل ذلك كثيرة.
وقد قدمنا أن هذا الطبع والختم على القلوب، وكذلك الأغلال في الأعناق، والسد من بين أيديهم ومن خلفهم، أن جميع تلك الموانع المانعة من الإيمان، ووصول الخير إلى القلوب أن الله إنما جعلها عليهم بسبب مسارعتهم لتكذيب الرسل، والتمادي على الكفر، فعاقبهم الله على ذلك، بطمس البصائر والختم على القلوب والطبع عليها، والغشاوة على الأبصار؛ لأن من شؤم السيئات أن الله جل وعلا يعاقب صاحبها عليها بتماديه على الشر، والحيلولة بينه وبين الخير جزاه الله بذلك على كفره جزاء وفاقا.
والآيات الدالة على ذلك كثيرة؛ كقوله تعالى: * (بل طبع الله عليها بكفرهم) *، فالباء سببية. وفي الآية تصريح منه تعالى أن سبب ذلك الطبع على قلوبهم هو كفرهم؛ وكقوله تعالى: * (ذلك بأنهم ءامنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم) *، ومعلوم أن الفاء من حروف التعليل، أي: فطبع على قلوبهم بسبب كفرهم ذلك، وقوله تعالى: * (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) *، وقوله تعالى: * (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم فى طغيانهم يعمهون) *، وقوله تعالى: * (فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) *، إلى غير ذلك من الآيات، كما تقدم إيضاحه.
وقد دلت هذه الآيات على أن شؤم السيئات يجر صاحبه إلى التمادي في السيئات، ويفهم من مفهوم مخالفة ذلك، أن فعل الخير يؤدي إلى التمادي في فعل الخير، وهو كذلك؛ كما قال تعالى: * (والذين اهتدوا زادهم هدى وءاتاهم تقواهم) *، وقوله
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»