أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٢٧٨
تعالى: * (وهو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته) *، ومن رحمته إرسال الرسل، وإنزال الكتب؛ كقوله تعالى: * (وما كنت * ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك) *، كما تقدم إيضاحه في سورة (الكهف)، في الكلام على قوله تعالى: * (فوجدا عبدا من عبادنا ءاتيناه رحمة من عندنا) *.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات كثيرة؛ كقوله تعالى: * (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله) *، وقوله تعالى: * (قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا) *، وقوله تعالى: * (قل من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة) *، إلى غير ذلك من الآيات.
وقد قدمنا بعض الكلام على هذا في سورة (الأنعام)، في الكلام على قوله تعالى: * (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شىء قدير) *، و * (ما) * في قوله تعالى: * (ما يفتح الله) *، وقوله: * (وما يمسك) * شرطية، وفتح الشئ التمكين منه وإزالة الحواجز دونه، والإمساك بخلاف ذلك. * (هل من خالق غير الله يرزقكم من السمآء والا رض) *. الاستفهام في قوله: * (هل من خالق غير الله) *، إنكاري فهو مضمن معنى النفي.
والمعنى: لا خالق إلا الله وحده، والخالق هو المستحق للعبادة وحده.
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة (الرعد)، في الكلام على قوله تعالى: * (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه) *. وفي سورة (الفرقان)، في الكلام على قوله تعالى: * (واتخذوا من دونه ءالهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون) *، وفي غير ذلك من المواضع.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (يرزقكم من السماء والارض) *، يدل على أنه تعالى هو الرازق وحده، وأن الخلق في غاية الاضطرار إليه تعالى.
والآيات الدالة على ذلك كثيرة؛ كقوله تعالى: * (أمن هاذا الذى يرزقكم إن أمسك
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»