قال أبو حيان في البحر المحيط: ومثلا معطوف على آيات، فيحتمل أن يكون المعنى ومثلا من أمثال الذين من قبلكم: أي قصة غريبة من قصصهم كقصة يوسف، ومريم في براءتهما.
وقال الزمخشري: ومثلا من أمثال من قبلكم أي قصة عجيبة من قصصهم كقصة يوسف، ومريم يعني قصة عائشة رضي الله عنها، وما ذكرنا عن أبي حيان والزمخشري ذكره غيرهما.
وإيضاحه: أن المعنى: وأنزلنا إليكم مثلا أي قصة عجيبة غريبة في هذه السورة الكريمة، وتلك القصة العجيبة من أمثال الذين خلوا من قبلكم: أي من جنس قصصهم العجيبة، وعلى هذا الذي ذكرنا فالمراد بالقصة العجيبة التي أنزل إلينا، وعبر عنها بقوله: ومثلا هي براءة عائشة رضي الله عنها مما رماها به أهل الإفك، وذلك مذكور في قوله تعالى: * (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم) * إلى قوله تعالى: * (أولئك مبرءون مما يقولون) * الآية. فقد بين في الآيات العشر المشار إليها أن أهل الإفك رموا عائشة، وأن الله برأها في كتابه مما رموها به، وعلى هذا:
فمن الآيات المبينة لبعض أمثال من قبلنا قوله تعالى في رمي امرأة العزيز يوسف بأنه أراد بها سوءا تعني الفاحشة قالت: * (ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم) * وقوله تعالى: * (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين) * لأنهم سجنوه بضع سنين، بدعوى أنه كان أراد الفاحشة من امرأة العزيز، وقد برأه الله من تلك الفرية التي افتريت عليه بإقرار النسوة وامرأة العزيز نفسهاوذلك في قوله تعالى: * (فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة الاتى قطعن أيديهن إن ربى بكيدهن عليم قال) * وقال تعالى عن امرأة العزيز في كلامها مع النسوة اللاتي قطعن أيديهن * (قالت فذالكن الذى لمتننى فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) * الآية.
فقصة يوسف هذه مثل من أمثال من قبلنا، لأنه رمى بإرادة الفاحشة وبرأه الله من