أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٥٣١
تعالى: * (سيجعل الله بعد عسر يسرا) *، وهذا الوعد منه جل وعلا وعد به من اتقاه في قوله تعالى: * (ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب) *، ووعد بالرزق أيضا من يأمر أهله بالصلاة ويصطبر عليها، وذلك في قوله: * (وأمر أهلك بالصلواة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) *، وقد وعد المستغفرين بالرزق الكثير على لسان نبيه نوح في قوله تعالى عنه: * (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) *، وعلى لسان نبيه هود في قوله تعالى عنه: * (تعقلون وياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم) *، وعلى لسان نبينا صلى الله عليه وعليهما جميعا وسلم: * (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى) *.
ومن الآيات الدالة على أن طاعة الله تعالى سبب للرزق، قوله تعالى: * (ولو أن أهل القرىءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض) *، ومن بركات السماء المطر، ومن بركات الأرض النبات مما يأكل الناس والأنعام. وقوله تعالى: * (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) *، وقوله تعالى: * (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حيواة طيبة) *، أي: في الدنيا؛ كما قدمنا إيضاحه في سورة (النحل)، وكما يدل عليه قوله بعده في جزائه في الآخرة: * (ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) *، وقد قدمنا أنه جل وعلا وعد بالغنى عند التزويج وعند الطلاق.
أما التزويج، ففي قوله هنا: * (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) *.
وأما الطلاق ففي قوله تعالى: * (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) *، والظاهر أن المتزوج الذي وعده الله بالغنى، هو الذي يريد بتزويجه الإعانة على طاعة الله بغض البصر، وحفظ الفرج؛ كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) الحديث، وإذا كان قصده بالتزويج طاعة الله بغض البصر وحفظ الفرج، فالوعد بالغنى إنما هو على طاعة الله بذلك.
(٥٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 ... » »»