أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٥٣٣
وقال الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة: فإن قلت لا حاجة إلى تعليق المغفرة بهن؛ لأن المكرهة على الزنى، بخلاف المكره عليه في أنها غير آثمة.
قلت: لعل الإكراه كان دون ما اعتبرته الشريعة من إكراه بقتل، أو بما يخاف منه التلف، أو ذهاب العضو من ضرب عنيف أو غيره، حتى يسلم من الإثم، وربما قصرت عن الحد الذي تعذر فيه فتكون آثمة، انتهى منه.
والذي يظهر أنه لا حاجة إليه، لأن إسقاط المؤاخذة بالإكراه يصدق عليه أنه غفران ورحمة من الله بعبده، والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين. ذكر الله جلا وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أنزل إلينا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم آيات مبينات، ويدخل فيها دخولا أوليا الآيات التي بينت في هذه السورة الكريمة، وأوضحت في معاني الأحكام والحدود، ودليل ما ذكر من القرآن قوله تعالى: * (سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون) * ولا شك أن هذه الآيات المبينات المصرح بنزولها في هذه السورة الكريمة، داخلة في قوله تعالى هنا * (ولقد أنزلنا إليكم ءايات مبينات) * الآية.
وبذلك تعلم أن قوله تعالى هنا * (ولقد أنزلنا إليكم ءايات مبينات) * معناه: أنزلناها إليكم لعلكم تذكرون: أي تتعظون بما فيها من الأوامر والنواهي، والمواعظ، ويدل لذلك قوله تعالى: * (سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها ءايات) * فقد صرح في هذه الآية الكريمة بأن من حكم إنزالها، أن يتذكر الناس، ويتعظوا بما فيها، ويدل لذلك عموم قوله تعالى: * (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءاياته وليتذكر * أولوا الالباب) * وقوله تعالى: * (المص * كتاب أنزل إليك فلا يكن فى صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين) * إلى غير ذلك من الآيات. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (ومثلا من الذين خلوا من قبلكم) * معطوف على آيات: أي أنزلنا إليكم آيات، وأنزلنا إليكم مثلا من الذين خلوا من قبلكم.
(٥٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 ... » »»