قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الأظهر عندي تقديم روايات الإطلاق وعدم التقييد بالليل لكثرة الأحاديث الصحيحة الدالة على حضور النساء الصلاة معه صلى الله عليه وسلم في غير الليل، كحديث عائشة المتفق عليه المذكور آنفا الدال على حضورهن معه صلى الله عليه وسلم الصبح، وهي صلاة نهار لا ليل، ولا يكون لها حكم صلاة الليل، بسبب كونهن يرجعن لبيوتهن، لا يعرفن من الغلس، لأن ذلك الوقت من النهار قطعا، لا من الليل، وكونه من النهار مانع من التقييد بالليل، والعلم عند الله تعالى. وأما ما يشترط في جواز خروج النساء إلى المساجد فهو المسألة الرابعة.
اعلم أن خروج المرأة إلى المسجد يشترط فيه عند أهل العلم شروط يرجع جميعها إلى شيء واحد، وهو كون المرأة وقت خروجها للمسجد ليست متلبسة بما يدعو إلى الفتنة مع الأمن من الفساد.
قال النووي في شرح مسلم في الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) ما نصه: هذا وما أشبهه من أحاديث الباب ظاهر في أنها لا تمنع المسجد، ولكن بشروط ذكرها العلماء مأخوذة من الأحاديث، وهي ألا تكون متطيبة، ولا متزينة، ولا ذات خلاخل يسمع صوتها، ولا ثياب فاخرة، ولا مختلطة بالرجال، ولا شابة ونحوها. ممن يفتن بها، وألا يكون في الطريق ما يخاف منه مفسدة ونحوها. انتهى محل الغرض من كلام النووي.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: هذه الشروط التي ذكرها النووي وغيره منها ما هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما لا نص فيه، ولكنه ملحق بالنصوص لمشاركته له في علته، وإلحاق بعضها لا يخلو من مناقشة كما سترى إيضاح ذلك كله إن شاء تعالى. أما ما هو ثابت عند صلى الله عليه وسلم من تلك الشروط، فهو عدم التطيب، فشرط جواز خروج المرأة إلى المسجد ألا تكون متطيبة.
قال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثنا مرون بن سعيد الأيلي، حدثنا ابن وهب، أخبرني مخرمة، عن أبيه عن بسر بن سعيد أن زينب الثقفية كانت تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا شهدت إحداكن العشاء، فلا تطيب تلك الليلة).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن عجلان