ذلك، والمثل الذي أنزله إلينا في هذه السورة، شبيه بقصة يوسف، لأنه هو وعائشة كلاهما رمى بما لا يليق، وكلاهما برأه الله تعالى، وبراءة كل منهما نزل بها هذا القرآن العظيم، وإن كانت براءة يوسف وقعت قبل نزول القرآن بإقرار امرأة العزيز، والنسوة كما تقدم قريبا بشهادة الشاهد من أهلها. * (إن كان قميصه قد من قبل) * إلى قوله: * (فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن) * الآية.
ومن الآيات المبينة لبعض أمثال الذين من قبلنا ما ذكرنا تعالى عن قوم مريم من أنهم رموها بالفاحشة، لما ولدت عيسى من غير زوج كقوله تعالى: * (وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما) * يعني فاحشة الزنى. وقوله تعالى: * (فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم * مريم لقد جئت شيئا فريا) * يعنون الفاحشة، ثم بين الله تعالى براءتها مما رموها به في مواضع من كتاب كقوله تعالى: * (فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا * قال إنى عبد الله ءاتانى الكتاب وجعلنى نبيا * وجعلنى مباركا) * إلى قوله: * (ويوم أبعث حيا) * فكلام عيسى، وهو رضيع ببراءتها، يدل على أنها بريئة. وقد أوضح الله براءتها مع بيان سبب حملها بعيسى، من غير زوج، وذلك في قوله تعالى: * (واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا * فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا * قالت إنى أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا * قال إنما أنا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا * قالت أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا * قال كذالك قال ربك هو على هين ولنجعله * للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا * فحملته * فحملته فانتبذت به مكانا قصيا) * إلى آخر الآيات.
ومن الآيات التي بين الله فيها براءتها قوله تعالى في الأنبياء: * (والتى أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها ءاية للعالمين) * وقوله تعالى في التحريم: * (ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين) * وقوله تعالى: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل ءادم خلقه من تراب) *.
فهذه الآيات التي ذكرنا التي دلت على قذف يوسف وبراءته وقذف مريم وبراءتها