أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٨
المجازية التأنيث، كما أشار له في الخلاصة بقوله: (إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة) وقد دل بعض الأحاديث على أن من أسمائه جل وعلا ما استأثر به ولم يعلمه خلقه، كحديث: (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك) الحديث. وقوله: * (الحسنى) * تأنيث الأحسن، وإنما وصف أسماءه جل وعلا بلفظ المؤنث المفرد، لأن جمع التكسير مطلقا وجمع المؤنث السالم يجريان مجرى المؤنثة الواحدة المجازية التأنيث، كما أشار له في الخلاصة بقوله:
* والتاء مع جمع سوى السالم من * مذكر كالتاء من إحدى اللبن * ونظير قوله هنا * (الا سمآء الحسنى) * من وصف الجمع بلفظ المفرد المؤنث قوله: * (من ءاياتنا الكبرى) *، وقوله: * (مأرب أخرى) *.
وقوله تعالى: * (وهل أتاك حديث موسى) *.
الآيات. قد بينا الآيات الموضحة لها في سورة (مريم) في الكلام على قوله تعالى: * (وناديناه من جانب الطور الا يمن وقربناه نجيا) * فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
* (واحلل عقدة من لسانى * يفقهوا قولي * واجعل لى وزيرا من أهلى * هارون أخى * اشدد به أزرى * وأشركه فى أمرى * كى نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا * قال قد أوتيت سؤلك ياموسى * ولقد مننا عليك مرة أخرى * إذ أوحينآ إلى أمك ما يوحى * أن اقذفيه فى التابوت فاقذفيه فى اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لى وعدو له وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عينى * إذ تمشى أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كى تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين فى أهل مدين ثم جئت على قدر ياموسى * واصطنعتك لنفسى * اذهب أنت وأخوك بأاياتى ولا تنيا فى ذكرى * اذهبآ إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى * قالا ربنآ إننا نخاف أن يفرط علينآ أو أن يطغى * قال لا تخافآ إننى معكمآ أسمع وأرى * فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بنى إسراءيل ولا تعذبهم قد جئناك بأاية من ربك والسلام على من اتبع الهدى) * قوله تعالى: * (واحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولي) *. قال بعض العلماء: دل قوله * (عقدة من لسانى) * بالتنكير والإفراد، واتباعه لذلك بقوله * (يفقهوا قولي) * على أنه لم يسأل إزالة جميع ما بلسانه من العقد، بل سأل إزالة بعضها الذي يحصل بإزالته فهم كلامه مع بقاء بعضها. وهذا المفهوم دلت عليه آيات أخر، كقوله تعالى عنه: * (وأخى هرون هو أفصح منى لسانا) *، وقوله تعالى عن فرعون * (أم أنآ خير من هاذا الذى هو مهين ولا يكاد يبين) * والاستدلال بقول فرعون في موسى، فيه أن فرعون معروف بالكذب والبهتان. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ولقد مننا عليك مرة أخرى إذ أوحينآ إلى أمك ما يوحى أن اقذفيه فى التابوت فاقذفيه فى اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لى وعدو له) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة. أنه من على موسى مرة أخرى قبل منه عليه بالرسالة ورسالة أخيه معه، وذلك بإنجائه من فرعون وهو صغير، إذ أوحى إلى أمه أي ألهمها وقذف في قلبها، وقال بعضهم: هي رؤيا منام. وقال بعضهم: أوحى إليها ذلك بواسطة ملك كلمها بذلك. ولا يلزم من الإيحاء في أمر خاص أن يكون الموحي إليه نبيا، و (أن) في قوله * (أن اقذفيه) * هي المفسرة، لأن الإيحاء فيه معنى القول دون حروفه. والتعبير بالموصول في قوله * (ما يوحى) * للدلالة على تعظيم شأن الأمر المذكور، كقوله: * (فغشيهم من اليم ما غشيهم) *، وقوله * (فأوحى إلى عبده مآ أوحى) * والتابوت: الصندوق. واليم: البحر. والساحل: شاطىء البحر. والبحر المذكور: نيل مصر. والقذف: الإلقاء والوضع، ومنه قوله تعالى: * (وقذف فى قلوبهم الرعب) * ومعنى * (اقذفيه فى التابوت) * أي ضعيه في الصندوق.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»