والضمير في قوله * (أن اقذفيه) * راجع إلى موسى بلا خلاف. وأما الضمير في قوله * (فاقذفيه فى اليم) * وقوله * (فليلقه) * فقيل: راجع إلى التابوت. والصواب رجوعه إلى موسى في داخل التابوت، لأن تفريق الضمائر غير حسن، وقوله * (يأخذه عدو لى وعدو له) * هو فرعون، وصيغة الأمر في قوله * (فليلقه اليم بالساحل) * فيها وجهان معروفان عند العلماء:
أحدهما أن صيغة الأمر معناها الخبر، قال أبو حيان في البحر المحيط: و * (فليلقه) * أمر معناه الخبر، وجاء بصيغة الأمر مبالغة، إذا الأمر أقطع الأفعال وأوجبها.
الوجه الثاني أن صيغة الأمر في قوله * (فليلقه) * أريد بها الأمر الكوفي القدري، كقوله * (إنمآ أمره إذآ أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) * فالبحر لا بد أن يلقيه بالساحل، لأن الله أمره بذلك كوفا وقدرا. وقد قدمنا ما يشبه هذين الوجهين في الكلام على قوله تعالى: * (فليمدد له الرحمان مدا) *.
وما ذكره جل وعلا في هذه الآيات أوضحه في غير هذا الموضع، كقوله في (القصص): * (وأوحينآ إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه فى اليم ولا تخافى ولا تحزنى إنا رآدوه إليك وجاعلوه من المرسلين فالتقطه ءال فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) * وقد بين تعالى شدة جزع أمه عليه لما ألقته في البحر، وألقاه اليم بالساحل، وأخذه عدوه فرعون في قوله تعالى: * (وأصبح