أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٥
. وأصل الشقاء في لغة العرب: العناء والتعب، ومنه قول أبي الطيب: فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا) *. وأصل الشقاء في لغة العرب: العناء والتعب، ومنه قول أبي الطيب:
* ذو العقل يشقى في النعيم بعقله * وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم * ومنه قوله تعالى: * (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) *. وقوله تعالى: * (إلا تذكرة لمن يخشى) *. أظهر الأقوال فيه: أنه مفعول لأجله، أي ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة، أي إلا لأجل التذكرة لمن يخشى الله ويخاف عذابه. والتذكرة: الموعظة التي تلين لها القلوب. فتمتثل أمر الله، وتجتنب نهيه. وخص بالتذكرة من يخشى دون غيرهم، لأنهم هم المنتفعون بها، كقوله تعالى: * (فذكر بالقرءان من يخاف وعيد) *، وقوله: * (إنما تنذر من اتبع الذكر وخشى الرحمان بالغيب) * وقوله: * (إنمآ أنت منذر من يخشاها) *. فالتخصيص المذكور في الآيات ب * (من) * تنفع فيهم الذكرى لأنهم هم المنتفعون بها دون غيرهم. وما ذكره هنا من أنه ما أنزل القرآن إلا للتذكرة بينه في غير هذا الموضع كقوله: * (إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شآء منكم أن يستقيم) *، وقوله تعالى: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين) *، إلى غير ذلك من الآيات. وإعراب * (إلا تذكرة) * بأنه بدل من * (لتشقى) * لا يصح، لأن التذكرة ليست بشقاء. وإعرابه مفعولا مطلقا أيضا غير ظاهر. وقال الزمخشري في الكشاف: * (مآ أنزلنا عليك القرءان لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى) *: ما أنزلنا عليك هذا المتعب الشاق إلا ليكون تذكرة. وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون * (تذكرة) * حالا ومفعولا له. قوله تعالى: * (تنزيلا ممن خلق الا رض والسماوات العلى) *. في قوله * (تنزيلا) * أوجه كثيرة من الإعراب ذكرها المفسرون. وأظهرها عندي أنه مفعول مطلق، منصوب بنزل مضمرة دل عليها قوله، * (مآ أنزلنا عليك القرءان لتشقى) * أي نزله الله * (تنزيلا ممن خلق الا رض) *، أي فليس بشعر ولا كهانة، ولا سحر ولا أساطير الأولين، كما دل لهذا المعنى قوله تعالى: * (وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين) * والآيات المصرحة بأن القرآن منزل من رب العالمين كثيرة جدا معروفة،
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»