له ناصحون فرددناه إلى أمه كى تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولاكن أكثرهم لا يعلمون) * فقوله تعالى في آية (القصص) هذه * (وقالت لاخته) * أي قالت أم موسى لأخته وهي ابنتها * (قصيه) * أي اتبعي أثره، وتطلبي خبره حتى تطلعي على حقيقة أمره.
وقوله: * (فبصرت به عن جنب) * أي رأته من بعيد كالمعرضة عنه، تنظر إليه وكأنها لا تريده * (وهم لا يشعرون) * بأنها أخته جاءت لتعرف خبره فوجدته ممتنعا من أن يقبل ثدي مرضعة، لأن الله يقول: * (وحرمنا عليه المراضع) * أي تحريما كونيا قدريا، أي منعناه منها ليتيسر بذلك رجوعه إلى أمه، لأنه لو قبل غيرها أعطوه لذلك الغير الذي قبله ليرضعه ويكفله فلم يرجع إلى أمه. وعن ابن عباس: أنه لما قالت لهم * (هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون) * أخذوها وشكوا في أمرها وقالوا لها: ما يدريك بنصحهم له وشفقتهم عليه؟ ا فقالت لهم: نصحهم له، وشفقتهم عليه رغبة في سرور الملك، ورجاء منفعته، فأرسلوها. فلما قالت لهم ذلك وخلصت من أذاهم، ذهبوا معها إلى منزلهم فدخلوا به على أمه فأعطته ثديها فالتقمه ففرحوا بذلك فرحا شديدا وذهب البشير إلى امرأة الملك فاستدعت أم موسى، وأحسنت إليها، وأعطتها عطاء جزيلا وهي لا تعرف أنها أمه في الحقيقة، ولكن لكونه قبل ثديها. ثم سألتها (آسية) أن تقيم عندها فترضعه فأبت عليها وقالت: إن لي بعلا وأولادا، ولا أقدر على المقام عندك، ولكن إن أحببت أن أرضعه في بيتي فعلت فأجابتها امرأة فرعون إلى ذلك، وأجرت عليها النفقة والصلات والكساوى والإحسان الجزيل. فرجعت أم موسى بولدها قد أبدلها الله بعد خوفها أمنا في عز وجاه، ورزق دار (ا ه) عن ابن كثير.
وقوله تعالى في آية (القصص): * (ولتعلم أن وعد الله حق) * وعد الله المذكور هو قوله: * (ولا تخافى ولا تحزنى إنا رآدوه إليك وجاعلوه من المرسلين) * والمؤرخون يقولون: إن أخت موسى المذكورة اسمها (مريم) وقوله * (كى تقر عينها) * إن قلنا فيه: إن (كي) حرف مصدري فاللام محذوفة، أي لكي تقر. وإن قلنا: إنها تعليلية، فالفعل منصوب بأن مضمرة. وقوله * (تقر عينها) * قيل: أصله من القرار. لأن ما يحبه الإنسان تسكن عينه عليه، ولا تنظر إلى غيره: كما قال أبو الطيب: كى تقر عينها) * إن قلنا فيه: إن (كي) حرف مصدري فاللام محذوفة، أي لكي تقر. وإن قلنا: إنها تعليلية، فالفعل منصوب بأن مضمرة. وقوله * (تقر عينها) * قيل: أصله من القرار. لأن ما يحبه الإنسان تسكن عينه عليه، ولا تنظر إلى غيره: كما قال أبو الطيب:
* وخصر تثبت الأبصار فيه * كأن عليه من حدق نطاقا *