فتحصل: أن ذا الحليفة، والجحفة، وقرن المنازل اتفق الشيخان على إخراج توقيتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث ابن عمر وابن عباس. وأن يلملم اتفقا أيضا على إخراج توقيته عنهما معا، إلا أن ابن عباس سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وابن عمر سمعه من غيره، كما أوضحناه وذو الحليفة هو المسمى الآن بآبار علي، وقرن المنازل هو المسمى الآن: بالسيل. والجحفة خراب الآن، والناس يحرمون من رابغ، وهو قبلها بقليل وهو موضع معروف قديما وفيه يقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:، وابن عمر سمعه من غيره، كما أوضحناه وذو الحليفة هو المسمى الآن بآبار علي، وقرن المنازل هو المسمى الآن: بالسيل. والجحفة خراب الآن، والناس يحرمون من رابغ، وهو قبلها بقليل وهو موضع معروف قديما وفيه يقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
* ولما أجزنا الميل من بطن رابغ * بدت نارها قمراء للمتنور * وأما الميقات الخامس الذي اختلف العلماء فيه، هل وقته رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو وقته عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهو: ذات عرق لأهل العراق، فقال بعض أهل العلم. توقيت ذات عرق، لأهل العراق من النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: هو بتوقيت عمر رضي الله عنه. وقال ابن حجر في فتح الباري: كون توقيت ذات عرق، ليس منصوصا من النبي صلى الله عليه وسلم بل بتوقيت عمر، هو الذي قطع به الغزالي، والرافعي في شرح المسند، والنووي في شرح مسلم، وكذا وقع في المدونة لمالك وصحح الحنفية، والحنابلة، وجمهور الشافعية، والرافعي في الشرح الصغير، والنووي في شرح المهذب: أنه منصوص. انتهى محل الغرض من فتح الباري.
وقال النووي في شرح مسلم في الكلام على ميقات ذات عرق: واختلف العلماء، هل صارت ميقاتهم بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم، أم باجتهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ وفي المسألة وجهان لأصحاب الشافعي أصحهما، وهو نص الشافعي رضي الله عنه في الأم: بتوقيت عمر رضي الله عنه. انتهى محل الغرض منه. وقال النووي في شرح المهذب، وممن قال إنه مجتهد فيه من السلف، طاوس، وابن سيرين، وأبو الشعثاء جابر بن زيد وحكاه البيهقي وغيره عنهم، وممن قال من السلف إنه منصوص عليه: عطاء بن أبي رباح وغيره، وحكاه ابن الصباغ، عن أحمد، وأصحاب أبي حنيفة، وإذا عرفت اختلاف أهل العلم فيمن وقت ذات عرق لأهل العراق، فهذه تفاصيل أدلتهم.
أما الذين قالوا: إنه باجتهاد من عمر فاستدلوا بما رواه البخاري في صحيحه: حدثني علي بن مسلم، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما فتح هذان المصران أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد: قرنا، وهو جور عن طريقنا، وإنا إن أردنا قرنا شق علينا.