قوله * (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) * وقوله منكرا على من والاه * (أفتتخذونه وذريته أوليآء من دونى وهم لكم عدو) *، ومعلوم أن الرجم بالحجارة من أكبر مظاهر العداوة.
وقال النووي في شرح المهذب: فرع في الحكمة في الرمي، قال العلماء: أصل العبادة الطاعة، وكل عبادة فلها معنى قطعا، لأن الشرع لا يأمر بالعبث، ثم معنى العبادة قد يفهمه المكلف، وقد لا يفهمه، فالحكمة في الصلاة: التواضع، والخضوع، وإظهار الافتقار إلى الله تعالى، والحكمة في الصوم. كسر النفس وقمع الشهوات، والحكمة في الزكاة: مواساة المحتاج، وفي الحج: إقبال العبد أشعث أغبر من مسافة بعيدة إلى بيت فضله الله كإقبال العبد إلى مولاه ذليلا.
ومن العبادات التي لا يفهم معناها: السعي والرمي، فكلف العبد بهما ليتم انقياده، فإن هذا النوع لاحظ للنفس فيه، ولا للعقل، ولا يحمل عليه إلا مجرد امتثال الأمر، وكمال الانقياد فهذه إشارة مختصرة تعرف بها الحكمة في جميع العبادات والله أعلم انتهى كلام النووي.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: ما ذكره الشيخ النووي رحمه الله: من أن حكمة السعي والرمي غير معقولة المعنى، غير صحيح فيما يظهر لي والله تعالى أعلم بل حكمة الرمي والسعي معقولة، وقد دل بعض النصوص، على أنها معقولة، أما حكمة السعي: فقد جاء النص الصحيح ببيانها، وذلك هو ما رواه البخاري في صحيحه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قصة ترك إبراهيم هاجر وإسماعيل في مكة، وأنه وضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء، وفي الحديث الصحيح المذكور (وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال: يتلبط فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي، تنظر هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها، ونظرت هل ترى أحدا، فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات) قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم (فذلك سعى الناس بينهما) الحديث. وهذا الطرف الذي ذكرنا من هذا الحديث سقناه بلفظ البخاري رحمه الله في صحيحه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث (فذلك سعى