أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤٨٣
قال: فانظروا حذوها من طريقكم، فحد لهم ذات عرق ا ه منه. قالوا: فهذا الحديث الصحيح صريح في أن توقيت ذات عرق باجتهاد من عمر، وقد جاءت بذلك أيضا آثار عن بعض السلف.
وأما الذين قالوا: إنه بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم، فاستدلوا بأحاديث منها: ما رواه مسلم في صحيحه، وحدثني محمد بن حاتم، وعبد بن حميد، كلاهما عن محمد بن بكر، قال عبد: أخبرنا محمد، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يسأل عن المهل؟ فقال: سمعت أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: مهل أهل المدينة، من ذي الحليفة والطريق الآخر الجحفة، ومهل أهل العراق: من ذات عرق، ومهل أهل نجد: من قرن. ومهل أهل اليمن: من يلملم. انتهى منه. وهذا الإسناد صحيح كما ترى إلا أنه ليس فيه الجزم برفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال النووي في شرح المهذب في هذا الحديث: فهذا إسناد صحيح، لكنه لم يجزم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فلا يثبت رفعه بمجرد هذا، ورواه ابن ماجة من رواية إبراهيم بن يزيد الخوزي بضم الخاء المعجمة بإسناده عن جابر مرفوعا بغير شك، لكن الخوزي ضعيف، لا يحتج بروايته ورواه الإمام أحمد في مسنده، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بلا شك أيضا، لكنه من رواية الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف، وعن عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق: ذات عرق) رواه أبو داود والنسائي والدارقطني وغيرهم بإسناد صحيح، لكن نقل ابن عدي: أن أحمد بن حنبل أنكر على أفلح بن حميد روايته هذه، وانفراده به مع أنه ثقة، وعن الحارث بن عمرو السهمي الصحابي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق: ذات عرق) رواه أبو داود، وعن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه وقت لأهل المشرق: ذات عرق) رواه البيهقي، والشافعي بإسناد حسن، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وعطاء من كبار التابعين. وقد قدمنا في مقدمة هذا الشرح أن مذهب الشافعي الاحتجاج بمرسل كبار التابعين، إذا اعتضد بأحد أربعة أمور.
منها: أن يقول به بعض الصحابة، أو أكثر العلماء، وهذا قد اتفق على العمل به الصحابة، ومن بعدهم، قال البيهقي: هذا هو الصحيح من رواية عطاء أنه رواه مرسلا، قال: وقد رواه الحجاج بن أرطاة، عن عطاء وغيره متصلا، والحجاج ظاهر الضعف. انتهى كلام النووي. وقال صاحب نصب الراية: وأخرجه الدارقطني في سننه، وابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في أسانيدهم، عن حجاج، عن عطاء، عن
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»