أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤٨٦
مسانيدهم والدارقطني في سننه: عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت ذات عرق: لأهل العراق من غير شك في الرفع، وقد قدمنا في كلام النووي، والزيلعي، وابن حجر: أن في إسناده ابن لهيعة، والحجاج بن أرطاة، وكلاهما ضعيف.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: لا شك أن رواية الحجاج بن أرطاة معتبر بها صالحة لاعتضاد غيرها، ومن أجل ذلك أخرج له مسلم في صحيحه مقرونا بغيره، كما قاله الذهبي في الميزان، وقد أثنى عليه غير واحد، وروى عنه شعبة وقال: اكتبوا حديث حجاج بن أرطاة، وابن إسحاق، فإنهما حافظان. وقال فيه الثوري: ما بقي أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه، وقال فيه حماد بن زيد: كان أقهر عندنا لحديثه من سفيان. وقال فيه الذهبي في الميزان: هو أحد الأعلام على لين في حديثه. وقال فيه الذهبي: وأكثر ما نقم عليه التدليس، وفيه تيه لا يليق بأهل العلم، وقال فيه ابن حجر في التقريب: صدوق كثير الخطأ والتدليس ا ه.
وعلى كل حال: فلا شك في الاعتبار بروايته، وصلاحها لتقوية غيرها، وابن لهيعة لا شك في أن روايته تعضد غيرها، وقد أخرج له مسلم أيضا مقرونا بغيره. وقد قدمنا الكلام عليه. وعلى كل حال فرواية الحجاج وابن لهيعة عاضدة للرواية الصحيحة. ومنها الحديث الذي رواه عطاء مرسلا كما قدمنا في كلام النووي، وقد قال: إنه رواه الشافعي والبيهقي بإسناد حسن ومرسل عطاء هذا في توقيت النبي صلى الله عليه وسلم: ذات عرق لأهل العراق محتج به عند الأئمة الأربعة. أما مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، فالمشهور عنهم الاحتجاج بالمرسل كما قدمناه مرارا. وأما الشافعي: فقد قدمنا عن النووي: أنه يعمل بمرسل التابعي الكبير إن قال به بعض الصحابة أو أكثر أهل العلم، ومرسل عطاء هذا أجمع على العمل به الصحابة، فمن بعدهم إلى غير ذلك من الأدلة العاضدة، لأن توقيت ذات عرق لأهل العراق من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن حجر في فتح الباري بعد أن ساق بعض طرق حديث توقيت النبي صلى الله عليه وسلم ذات عرق لأهل العراق ما نصه: وهذا يدل على أن للحديث أصلا، فلعل من قال: إنه غير منصوص لم يبلغه، ورأى ضعف الحديث باعتبار أن كل طريق لا يخلو من مقال. انتهى محل الغرض منه.
وقد بينا أن بعض روايات هذا الحديث صحيحة، ولا يضرها انفراد بعض الثقات بها.
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»