أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٣٧٢
فجميع العلماء يقولون: يجب الجمع إن أمكن، ومفهوم قولهم: إن أمكن أنهما، إن كانا متناقضين تناقضا صريحا، لا يمكن الجمع بينهما، بل يجب المصير إلى الترجيح. فإذا علمت هذا فاعلم أن أحاديث الإفراد صريحة في نفي القران، والتمتع لا يمكن الجمع بينهما أبدا وبين أحاديثهما فابن عمر رضي الله عنهما في حديثه الصحيح المتقدم يكذب أنسا في دعواه القران تكذيبا صريحا المرة بعد المرة، كما رأيته سابقا، فكيف يمكن الجمع بين خبرين والمخبران بهما كل منهما يكذب الآخر تكذيبا صريحا، فالجمع في مثل هذا محال ومن ادعى إمكانه، فقد غلط كائنا من كان، بالغا ما بلغ من العلم والجلالة. وعائشة رضي الله عنها في حديثها الصحيح المتقدم تقول: فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بحج، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج فذكرها الأقسام الثلاثة وتصريحها بأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بواحد معين منها، لا يمكن الجمع بينه، وبين خبر من قال: إنه أحرم بقسم من القسمين الآخرين كما ترى، وفي بعض الروايات: أحرم بالحج خالصا، وفي بعضها: أحرم بالحج وحده، وفي بعضها: لا نعرف العمرة الخ. وأحاديث القران فيها التصريح بأنه يقول: لبيك حجا وعمرة فالجمع بينها لا يمكن بحال إلا على قول من قال: إنه كان قارنا يلبي بهما معا، وسمع بعضهم الحج والعمرة معا وسمع بعضهم الحج دون العمرة، وبعضهم العمرة دون الحج، فرويى كل ما سمع وعلى أن الجمع غير ممكن فالمصير إلى الترجيح واجب، ولا شك عند من جمع بين العلم والإنصاف أن أحاديث القران أرجح من جهات متعددة، منها كثرة من رواها من الصحابة، وقد قدمنا عن ابن القيم أنها رواها سبعة عشر صحابيا، وأحاديث الإفراد لم يروها إلا عدد قليل، وهم: عائشة، وابن عمر، وجابر، وابن عباس، وأسماء، وكثرة الرواة من المرجحات قال في مراقي السعود في مبحث الترجيح باعتبار حال المروي: أحرم بواحد معين منها، لا يمكن الجمع بينه، وبين خبر من قال: إنه أحرم بقسم من القسمين الآخرين كما ترى، وفي بعض الروايات: أحرم بالحج خالصا، وفي بعضها: أحرم بالحج وحده، وفي بعضها: لا نعرف العمرة الخ. وأحاديث القران فيها التصريح بأنه يقول: لبيك حجا وعمرة فالجمع بينها لا يمكن بحال إلا على قول من قال: إنه كان قارنا يلبي بهما معا، وسمع بعضهم الحج والعمرة معا وسمع بعضهم الحج دون العمرة، وبعضهم العمرة دون الحج، فرويى كل ما سمع وعلى أن الجمع غير ممكن فالمصير إلى الترجيح واجب، ولا شك عند من جمع بين العلم والإنصاف أن أحاديث القران أرجح من جهات متعددة، منها كثرة من رواها من الصحابة، وقد قدمنا عن ابن القيم أنها رواها سبعة عشر صحابيا، وأحاديث الإفراد لم يروها إلا عدد قليل، وهم: عائشة، وابن عمر، وجابر، وابن عباس، وأسماء، وكثرة الرواة من المرجحات قال في مراقي السعود في مبحث الترجيح باعتبار حال المروي:
* وكثرة الدليل والرواية * مرجح لدى ذوي الدراية * كما قدمناه في البقرة ومنها: أن من روى عنهم الإفراد، روى عنهم القران أيضا، ويكفي في أرجحية أحاديث القران: أن الذين قالوا: بأفضلية الإفراد معترفون بأن من رووا القران صادقون في ذلك، وأنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا باتفاق الطائفتين، إلا أن بعضهم يقولون: إنه لم يكن قارنا في أول الأمر، وإنما صار قارنا في آخره، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: أن أحاديث القران أرجح من خمسة عشر وجها فلينظره من أراد الوقوف عليها.
وقد علمت مما تقدم: أن القائلين بأفضلية الإفراد، يقدحون في دلالة أحاديث القران
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»