آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم: وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافا واحدا. انتهى منه.
فهذا نص صريح متفق عليه، يدل على الفرق بين القارن والمتمتع، وأن القارن يفعل كفعل المفرد والمتمتع يطوف لعمرته، ويطوف لحجه فلا وجه للنزاع في هذه المسألة بعد هذا الحديث، وحديث ابن عباس المذكور قبله عند البخاري. وقول من قال: إن المراد بالطواف الواحد في حديث عائشة هذا السعي، له وجه من النظر واختاره ابن القيم، وهو وجيه عندي.
فهذه النصوص تدل على صحة هذا القول المفرق بين القارن والمتمتع، وهو قول جمهور أهل العلم، وهو الصواب إن شاء الله تعالى.
أما من قال: إن المتمتع كالقارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد، وهو رواية عن الإمام أحمد، فقد استدل بما رواه مسلم في صحيحه، قال: وحدثني محمد بن حاتم، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، ح. وحدثنا عبد ابن حميد، أخبرنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه بين الصفا والمروة، إلا طوافا واحدا زاد في حديث محمد بن بكر طوافه الأول. انتهى منه.
قال: من تمسك بهذا الحديث، هذا نص صحيح، صرح فيه جابر بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف هو ولا أصحابه إلا طوافا واحدا، ومعلوم أن أصحابه فيهم القارن، وهو من كان معه الهدي، وفيهم المتمتع، وهو من لم يكن معه هدي، وأذن ففي هذا الحديث الصحيح الدال على استواء القارن والمتمتع في لزوم طواف واحد وسعي واحد.
وأجاب المخالفون عن هذا بأجوبة:
الأول: هو أن الجمع واجب إن أمكن، قالوا: وهو هنا ممكن بحمل حديث جابر