أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٣٧٦
صحيحه في بعض رواياته لهذا الحديث: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، عن أيوب عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما دخل ابنه عبيد الله بن عبد الله وظهره في الدار فقال: إني لا آمن أن يكون العام بين الناس فقال: فيصدوك عن البيت، فلو أقمت؟ فقال: قد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فإن حيل بيني وبينه أفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم * (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة) * ثم قال: أشهدكم أني أوجبت مع عمرتي حجا، قال: ثم قدم فطاف لهما طوافا واحدا.
حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما أراد الحاج عام نزل الحجاج بابن الزبير فقيل له: إن الناس كائن بينهم قتال، وإنا نخاف أن يصدوك؟ فقال: * (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة) * إذا أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة، ثم خرج إذا كان بظاهر البيداء قال: ما شأن الحج والعمرة إلا واحد، أشهدكم أني قد أوجبت حجا مع عمرتي، وأهدى هديا اشتراه بقديد، ولم يزد على ذلك فلم ينحر: ولم يحل من شيء حرم منه، ولم يحلق، ولم يقصر حتى كان يوم النحر فنحر وحلق، ورأى أن قد قضى طواف الحج، والعمرة بطوافه الأول، وقال ابن عمر رضي الله عنهما كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى منه، وفي هذا الحديث الصحيح التصريح من ابن عمر باكتفاء القارن بطواف واحد وأن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك فعل. وبعض العلماء حمل الطواف المذكور، على طواف الإفاضة، وبعضهم حمله على الطواف بين الصفا والمروة. أما حمله على طواف القدوم فباطل بلا شك، لأن النبي لم يكتف بطواف القدوم، بل طاف طواف الإفاضة الذي هو ركن الحج بإجماع المسلمين.
وقال الكرماني في شرح الحديث المذكور، فإن قلت: ما المقصود من الطواف الأول إذ لا يجوز أن يراد به طواف القدوم؟
قلت: يعني أنه لم يكرر الطواف للقران، بل اكتفى بطواف واحد، وقد أخرج حديث ابن عمر هذا مسلم في صحيحه من طرق متعددة، وفي لفظ منها: أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرة، فانطلق حتى ابتاع بقديد هديا، ثم طاف لهما طوافا واحدا بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم لم يحل منهما حتى حل منهما بحجة يوم النحر ا ه.
وقال النووي معناه: حتى حل منهما يوم النحر بعمل حجة مفردة. وفي بعض الروايات مسلم لحديث ابن عمر هذا: أشهدكم أني أوجبت حجا مع عمرتي، وأهدى هديا اشتراه بقديد، ثم انطلق يهل بهما جميعا حتى قدم مكة فطاف بالبيت وبالصفا والمروة، ولم
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»