يزد على ذلك، ولم ينحر، ولم يحلق، ولم يقصر، ولم يحلل من شيء حرم منه حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ورأى أنه قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول. وقال ابن عمر: كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى منه، وهو صريح في أن القارب يكفيه لحجه وعمرته طواف واحد.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي والله تعالى أعلم: أن مراد ابن عمر في قوله: ورأى أنه قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول، في مسلم والبخاري، هو الطواف بين الصفا والمروة، ويدل على ذلك أمران: الأول منهما: هو ما قدمنا في بعض روايات مسلم في صحيحه مما لفظه: ثم طاف لهما طوافا واحدا بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم لم يحل منهما، حتى حل منهما بحجة، ومعلوم أن الحل بحجة لا يمكن بدون طواف الإفاضة. أما السعي في الحجة، فيكفي فيه السعي الأول بعد طواف القدوم، فيتعين أن الطواف الأول الذي رأى إجزاءه عن حجه وعمرته، هو الطواف بين الصفا والمروة، بدليل الرواية الصحيحة، بأنه لم يحل منهما إلا بحجة يوم النحر، وحجة يوم النحر أعظم أركانها طواف الإفاضة، فبدونه لا تسمى حجة لأنه ركنها الأكبر المنصوص على الأمر به في كتاب الله في قوله تعالى: * (وليطوفوا بالبيت العتيق) *.
الأمر الثاني: الدال على ذلك، هو: أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم الثابت عنه في الروايات الصحيحة، أنه اكتفى بسعيه بين الصفا والمروة، بعد طواف القدوم لحجه وعمرته، وأنه بعد إفاضته من عرفات، طاف طواف الإفاضة يوم النحر على التحقيق، فحديث ابن عمر هذا نص صحيح متفق عليه، على أن القارن يعمل كعمل المفرد، وعلى هذا يحمل الطواف الواحد في حديث عائشة الآتي فيفسر بأنه الطواف بين الصفا والمروة، لأن القارن لا يسعى لحجه وعمرته إلا مرة واحدة.
وقال ابن حجر في الفتح في كلامه على الروايتين اللتين أخرج بهما البخاري حديث ابن عمر المذكور أعني اللتين سقناهما آنفا ما نصه: والحديثان ظاهران في أن القارب لا يجب عليه إلا طواف واحد كالمفرد، وقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن نافع عن ابن عمر أصرح من سياق حديثي الباب في الرفع، ولفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد وسعي واحد) وأعله الطحاوي بأن