أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٣٧٥
المسألة السادسة:
اعلم أن العلماء اختلفوا في طواف القارن والمتمتع إلى ثلاثة مذاهب.
الأول: أن على القارن طوافا واحدا وسعيا واحدا، وأن ذلك يكفيه لحجه، وعمرته، وأن على المتمتع طوافين وسعيين، وهذا مذهب جمهور العلماء منهم مالك، والشافعي، وأحمد في أصح الروايات.
الثاني: أن على كل واحد منهما سعيين وطوافين وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه.
الثالث: أنهما معا يكفيهما طواف واحد، وسعي واحد وهو مروي عن الإمام أحمد. أما الجمهور المفرقون بين القارن والمتمتع القائلون: بأن القارن يكفيه لحجه وعمرته طواف زيارة واحد، وهو طواف الإفاضة، وسعي واحد فاحتجوا بأحاديث صحيحة ليس مع مخالفيهم ما يقاومها.
منها: ما ثبت في صحيح مسلم بن الحجاج رحمه الله: حدثني محمد بن حاتم، حدثنا بهز، حدثنا وهب، حدثنا عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أنها أهلت بعمرة، فقدمت ولم تطف بالبيت، حتى حاضت، فنسكت المناسك كلها، وقد أهلت بالحج فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم، يوم النفر (يسعك طوافك لحجك وعمرتك) الحديث ففي هذا الحديث الصحيح التصريح بأنها كانت محرمة أولا، ومنعها الحيض من الطواف فلم يمكنها أن تحل بعمرة فأهلت بالحج مع عمرتها الأولى فصارت قارنة، وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح. بأنها قاربة حيث قال (لحجك وعمرتك) ومع ذلك صرح، بأنها يكفيها لهما طواف واحد.
وقال مسلم رحمه الله أيضا في صحيحه: وحدثني حسن بن علي الحلواني، حدثنا زيد بن الحباب، حدثني إبراهيم بن نافع، حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها: أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (يجزىء عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك) ا ه منه.
فهذا الحديث الصحيح صريح في أن القارن يكفيه لحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد.
ومنها: حديث ابن عمر المتفق عليه الذي قدمناه، قال البخاري رحمه الله في
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»