يمنعون كونه للضرورة، ويقولون: إنه جائز مطلقا. والعلم عند الله تعالى.
* (فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا * ياأخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا * فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا * قال إنى عبد الله ءاتانى الكتاب وجعلنى نبيا * وجعلنى مباركا أين ما كنت وأوصانى بالصلواة والزكواة ما دمت حيا * وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا * والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا * ذالك عيسى ابن مريم قول الحق الذى فيه يمترون * ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون * وإن الله ربى وربكم فاعبدوه هاذا صراط مستقيم * فاختلف الا حزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم * أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لاكن الظالمون اليوم فى ضلال مبين * وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الا مر وهم فى غفلة وهم لا يؤمنون) * قوله تعالى: * (فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا ياأخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا) *. لما اطمأنت مريم بسبب ما رأت من الآيات الخارقة للعادة التي تقدم ذكرها آنفا أتت به (أي بعيسى) قومها تحمله غير محتشمة ولا مكترثة بما يقولون، فقالوا لها: * (يامريم لقد جئت شيئا فريا) *! قال مجاهد وقتادة وغير واحد: (فريا) أي عظيما. وقال سعيد بن مسعدة: (فريا) أي مختلفا مفتعلا. وقال أبو عبيدة والأخفش: (فريا) أي عجيبا نادرا.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يفهم من الآيات القرآنية أن مرادهم بقولهم * (لقد جئت شيئا فريا) * أي منكرا عظيما، لأن الفري فعيل من الفرية، يعنون به الزنى، لأن ولد الزنى كالشئ المفتري المختلق، لأن الزانية تدعى إلحاقه بمن ليس أباه. ويدل على أن مرادهم بقولهم (فريا) الزنى قوله تعالى: * (وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما) * لأن ذلك البهتان العظيم الذي هو ادعاؤهم أنها زنت، وجاءت بعيسى من ذلك الزنى (حاشاها وحاشاه من ذلك) هو المراد بقولهم لها: * (لقد جئت شيئا فريا) *. ويدل لذلك قوله تعالى بعده: * (ياأخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا) * والبغي الزانية كما تقدم. يعنون كان أبواك عفيفين لا يفعلان الفاحشة، فمالك أنت ترتكبينهاا! ومما يدل على أن ولد الزنى كالشئ المفتري قوله تعالى: * (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن) * قال بعض العلماء: معنى قوله تعالى: * (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن) * أي ولا يأتين بولد زنى يقصدن إلحاقه برجل ليس أباه، هذا هو الظاهر الذي دل عليه القرآن في معنى الآية. وكل عمل أجاده عامله فقد فرآه لغة، ومنه قول الراجز وهو زرارة بن صعب بن دهر: وكل عمل أجاده عامله فقد فرآه لغة، ومنه قول الراجز وهو زرارة بن صعب بن دهر:
* وقد أطمعتني دقلا حوليا * مسوسا مدودا حجريا * يعني تعملين به العمل العظيم. والظاهر أنه يقصد أنها تأكله أكلا لما عظيما.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (ياأخت هارون) * ليس المراد به هارون بن