والضحاك، وإبراهيم النخعي، وقتادة، والسدي، ووهب بن منبه وغيرهم. وممن قال إنه عيسى: الحسن، والربيع بن أنس، ومحمد بن عباد بن جعفر. وهو إحدى الروايتين عن قتادة. وقول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قاله ابن كثير وغيره. قوله تعالى: * (وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلى واشربى وقرى عينا) *. لم يصرح جل وعلا في هذه الآية الكريمة ببيان الشيء الذي أمرها أن تأكل منه، والشيء الذي أمرها أن تشرب منه. ولكنه أشار إلى أن الذي أمرها أن تأكل منه هو (الرطب الجني) المذكور. والذي أمرها أن تشرب منه هو النهر المذكور المعبر عنه (بالسري) كما تقدم هذا هو الظاهر.
وقال بعض العلماء: إن جذع النخلة الذي أمرها أن تهز به كان جزعا يابسا؛ فلما هزته جعله الله نخلة ذات رطب جني. وقال بعض العلماء: كان الجذع جذع نخلة نابتة إلا أنها غير مثمرة، فلما هزته أنبت الله فيه الثمر وجعله رطبا جنيا. وقال بعض العلماء: كانت النخلة مثمرة، وقد أمرها الله بهزها ليتساقط لها الرطب الذي كان موجودا. والذي يفهم من سياق القرآن: أن الله أنبت لها ذلك الرطب على سبيل خرق العادة، وأجرى لها ذلك النهر على سبيل خرق العادة. ولم يكن الرطب والنهر موجودين قبل ذلك، سواء قلنا إن الجذع كان يابسا أو نخلة غير مثمرة، إلا أن الله أنبت فيه الثمر وجعله رطبا جنيا. ووجه دلالة السياق على ذلك أن قوله تعالى: * (فكلى واشربى وقرى عينا) * يدل على أن عينها إنما تقر في ذلك الوقت بالأمور الخارقة للعادة؛ لأنها هي التي تبين براءتها مما اتهموها به. فوجود هذه الخوارق من تفجير النهر، وإنبات الرطب، وكلام المولود تطمئن إليه نفسها وتزول به عنها الربية، وبذلك يكون قرة عين لها؛ لأن مجرد الأكل والشرب مع بقاء التهمة التي تمنت بسببها أن تكون قد ماتت من قبل وكانت نسيا منسيا لم يكن قرة لعينها في ذلك الوقت كما هو ظاهر. وخرق الله لها العادة بتفجير الماء، وإنبات الرطب، وكلام المولود لا غرابة فيه. وقد نص الله جل وعلا في (آل عمران) على خرقه لها العادة في قوله * (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يامريم أنى لك هاذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشآء بغير حساب) *. قال العلماء: كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف. وإجراء النهر وإنبات الرطب ليس أغرب من هذا المذكور في سورة (آل عمران).