أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٣٥١
الإسلام إلى الكفر. وهذ أكثر استعمالاته في القرآن. ومنه قوله تعالى: * (غير المغضوب عليهم ولا الضآلين) *، وقوله: * (ولا تتبعوا أهوآء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سوآء السبيل) *.
الثاني الضلال بمعنى الهلاك والغيبة والاضمحلال، ومنه قول العرب: ضل السمن في الطعام إذا استهلك فيه وغاب فيه. ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: * (وضل عنهم ما كانوا يفترون) * أي غاب واضمحل، وقوله هنا: * (الذين ضل سعيهم) * أي بطل واضمحل، وقول الشاعر: الذين ضل سعيهم) * أي بطل واضمحل، وقول الشاعر:
* ألم تسأل فتخبرك الديار * عن الحي المضلل أين ساروا * أي عن الحي الذي غاب واضمحل، ومن هنا سمي الدفن إضلالا. لأن مآل الميت المدفون إلى أن تختلط عظامه بالأرض، فيضل فيها كما يضل السمن في الطعام. ومن إطلاق الضلال على الدفن قول نابغة ذبيان: أي عن الحي الذي غاب واضمحل، ومن هنا سمي الدفن إضلالا. لأن مآل الميت المدفون إلى أن تختلط عظامه بالأرض، فيضل فيها كما يضل السمن في الطعام. ومن إطلاق الضلال على الدفن قول نابغة ذبيان:
* فآب مضلوه بعين جلية * وغودو بالجولان حزم ونائل * فقوله (مضلوه) يعني دافنيه في قبره. ومن هذا المعنى قوله تعالى: * (وقالوا أءذا ضللنا فى الا رض أءنا لفى خلق جديد) *. فمعنى * (ضللنا فى الا رض) * أنهم اختلطت عظامهم الرميم بها لغابت واستهلكت فيها.
الثالث الضلال بمعنى الذهاب عن علم حقيقة الأمر المطابقة للواقع، ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: * (ووجدك ضآلا فهدى) * أي ذاهبا عما تعلمه الآن من العلوم والمعارف التي لا تعرف إلا بالوحي فهداك إلى تلك العلوم والمعارف بالوحي. وحدد هذا المعنى قوله تعالى عن أولاد يعقوب: * (قالوا تالله إنك لفى ضلالك القديم) * أي ذهابك عن العلم بحقيقة أمر يوسف، ومن أجل ذلك تطمع في رجوعه إليك، وذلك لا طمع فيه على أظهر التفسيرات وقوله تعالى: * (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهدآء أن تضل إحداهما) * أي نذهب عن حقيقة علم المشهود به بنسيان أو نحوه، بدليل قوله * (فتذكر أحدهما الاخرى) *، وقوله تعالى: * (قال علمها عند ربى فى كتاب لا يضل ربى ولا ينسى) * ومن هذا المعنى قول الشاعر
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»