وعيسى وعزيز، لا الشياطين ونحوهم، لأن مثل هذه الإضافة للتشريف غالبا. وقد بين تعالى: أنهم لا يكونون أولياء لهم في قوله: * (ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهاؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم) *، وقوله * (إنا أعتدنا) * قد أوضحنا معناه في قوله تعالى: * (إنا أعتدنا للظالمين نارا) *، فأغنى عن إعادته هنا. وفي قوله * (نزلا) * أوجه من التفسير للعلماء، أظهرها: أن (النزل) هو ما يقدم للضيف عند نزوله، والقادم عند قدومه. والمعنى: أن الذي يهيأ لهم من الإكرام عند قدومهم إلى ربهم هو جهنم المعدة لهم، كقوله: * (فبشرهم بعذاب أليم) *. وقوله: * (يغاثوا بمآء كالمهل) *. وقد قدمنا شواهده العربية في الكلام على قوله تعالى. * (يغاثوا بمآء كالمهل) * لأن ذلك الماء الذي يشوى الوجوه ليس فيه إغاثة، كما أن جهنم ليست نزل إكرام الضيف أو قادم.
الوجه الثاني أن (نزلا) بمعنى المنزل، أي إعتدنا جهنم للكافرين منزلا، أي مكان نزول، لا منزل لهم غيرها. وأضعف الأوجه ما زعمه بعضهم من أن (النزل) جمع نازل، كجمع الشارف على شرف بضمتين. والذي يظهر في إعراب (نزلا) أنه حال مؤولة بمعنى المشتق. أو مفعول ل (اعتدنا) بتضمينه معنى صيرنا أو جعلنا. والله تعالى أعلم. قوله تعالى: * (قل هل ننبئكم بالا خسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحيواة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) *. المعنى: قل لهم يا نبي الله: هل ننبئكم أي نخبركم بالأخسرين أعمالا، أي بالذين هم أخسر الناس أعمالا وأضيعها. فالأخسر صيغه تفضيل من الخسران وأصله نقص مال التاجر، والمراد به في القرآن غبنهم بسبب كفرهم ومعاصيهم في حظوظهم مما عند الله لو أطاعوه. وقوله * (أعمالا) * منصوب على التمييز:
فإن قيل: نبئنا بالأخسرين أعمالا من هم؟
كان الجواب هم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وبه تعلم أن (الذين) من قوله * (الذين ضل سعيهم) * خبر مبتدأ محذف جوابا للسؤال المفهوم من المقام، ويجوز نصبه على الذم، وجره على وأنه بدل من الأخسرين، أو نعت له، وقوله * (ضل سعيهم) * أي بطل عملهم وحبط، فصار كالهباء وكالسراب وكالرمادا كما في قوله تعالى: * (وقدمنآ إلى ما عملوا من عمل فجعلناه