أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٦١
للتى هى أقوم) *. قوله تعالى: * (واتل مآ أوحى إليك من كتاب ربك) *. أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة: أن يتلو هذا القرآن الذي أوحاه إليه ربه. والأمر في قوله (واتل) شامل للتلاوة بمعنى القراءة. والتلو: بمعنى الاتباع. وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أمره تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بتلاوة القرآن العظيم واتباعه جاء مبينا في آيات أخر. كقوله تعالى في سورة (العنكبوت): * (اتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلواة) *، وكقوله تعالى في آخر سورة (النمل): * (إنمآ أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذى حرمها وله كل شىء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرءان) *، * (ورتل القرءان ترتيلا) * إلى غير ذلك من الآيات الدالة على الأمر بتلاوته، وكقوله تعالى على الأمر باتباعه * (اتبع مآ أوحى إليك من ربك لا إلاه إلا هو وأعرض عن المشركين) *، وقوله تعالى: * (فاستمسك بالذى أوحى إليك إنك على صراط مستقيم) *، وقوله تعالى: * (قل ما كنت بدعا من الرسل ومآ أدرى ما يفعل بى ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلى ومآ أنا إلا نذير مبين) *، وقوله تعالى: * (قل ما يكون لى أن أبدله من تلقآء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم) *، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على الأمر باتباع هذا القرآن العظيم. وقد بين في مواضع أخر بعض النتائج التي تحصل بسبب تلاوة القرآن واتباعه. كقوله تعالى: * (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلواة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور) *، وقوله تعالى: * (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولائك يؤمنون به ومن يكفر به فأولائك هم الخاسرون) * والعبرة في هذه الآية بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. قوله تعالى: * (لا مبدل لكلماته) *. بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه لا مبدل لكلماته. أي لأن أخبارها صدق: وأحكامها عدل، فلا يقدر أحد أن يبدل صدقها كذبا. ولا أن يبدل عدلها جورا: وهذا الذي ذكره هنا جاء مبينا في مواضع أخر، كقوله تعالى: * (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم) *. فقوله: (صدقا) يعني في الإخبار. وقوله (عدلا) أي في الأحكام. وكقوله
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»