أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٢
: * (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جآءك من نبإ المرسلين) *.
وقد بين تعالى في مواضع أخر، أنه هو يبدل ما شاء من الآيات مكان ما شاء منها. كقوله تعالى: * (وإذا بدلنآ ءاية مكان ءاية والله أعلم بما ينزل) *. وقوله: * (ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) *، وقوله تعالى: * (وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقآءنا ائت بقرءان غير هاذآ أو بدله قل ما يكون لى أن أبدله من تلقآء نفسى) *. قوله تعالى: * (ولن تجد من دونه ملتحدا) *. أصل الملتحد: مكان الالتحاد وهو الافتعال: من اللحد بمعنى الميل، ومنه اللحد في القبر، لأنه ميل في الحفر، ومنه قوله تعالى: * (إن الذين يلحدون فىءاياتنا لا يخفون علينآ) *، وقوله: * (وذروا الذين يلحدون فى أسمائه) *، فمعنى اللحد والإلحاد في ذلك: الميل عن الحق. والملحد المائل عن دين الحق. وقد تقرر في فن الصرف أن الفعل إن زاد ماضيه على ثلاثة أحرف فمصدره الميمى واسم مكانه واسم زمانه كلها بصيغة اسم المفعول كما هنا. فالملتحد بصيغة اسم المفعول، والمراد به مكان الالتحاد، أي المكان الذي يميل فيه إلى ملجإ أو منجي ينجيه مما يريد الله أن يفعله به.
وهذا الذي ذكره هنا من أن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يجد من دونه ملتحدا. أي مكانا يميل إليه ويلجأ إليه إن لم يبلغ رسالة ربه ويطعه جاء مبينا في مواضع أخر. كقوله: * (قل إنى لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إنى لن يجيرنى من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغا من الله ورسالاته) *، وقوله: * (ولو تقول علينا بعض الا قاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين) *.
وكونه ليس له ملتحد، أي مكان يلجأ إليه تكرر نظيره في القرآن بعبارات مختلفة. كالمناص، والمحيص، والملجإ، والموئل، والمفر، والوزر، كقوله: * (فنادوا ولات حين مناص) * وقوله: * (ولا يجدون عنها محيصا) *، وقوله: * (فنقبوا فى البلاد هل من محيص) *، وقوله: * (ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير) *، وقوله: * (يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه) *،
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»