أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٨
الكافرين ولاية ملك وقهر ونفوذ مشيئة، كقوله: * (وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون) *. وقال بعض العلماء: الضمير في قوله: * (ما لهم من دونه من ولى) * راجع لأهل السماوات والأرض المفهومين من قوله تعالى: * (له غيب السماوات والا رض) * وقيل: الضمير في قوله (ما لهم) راجع لمعاصري النبي صلى الله عليه وسلم من الكفار. ذكره القرطبي. وعلى كل حال فقد دلت الآيات المتقدمة أن ولاية الجميع لخالقهم جل وعلا، وأن منها ولاية ثواب وتوفيق وإعانة، وولاية ملك وقهر ونفوذ مشيئة. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ولا يشرك فى حكمه أحدا) *. قرأ هذا الحرف عامة السبعة ما عدا ابن عامر (ولا يشرك) بالياء المثناة التحتية، وضم الكاف على الخبر، ولا نافية والمعنى: ولا يشرك الله جل وعلا أحدا في حكمه، بل الحكم له وحده جل وعلا لا حكم لغيره البتة، فالحلال ما أحله تعالى، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه. والقضاء ما قضاه. وقرأه ابن عامر من السبعة. (ولا تشرك) بضم التاء المثناة الفوقية وسكون الكاف بصيغة النهي، أي لا تشرك يا نبي الله. أو لا تشرك أيها المخاطب أحدا في حكم الله جل وعلا، بل أخلص الحكم لله من شوائب شرك غيره في الحكم. وحكمه جل وعلا المذكور في قوله: * (ولا يشرك فى حكمه أحدا) * شامل لكل ما يقضيه جل وعلا. ويدخل في ذلك التشريع دخولا أوليا.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون الحكم لله وحده لا شريك له فيه على كلتا القراءتين جاء مبينا في آيات أخر. كقوله تعالى: * (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه) * وقوله تعالى: * (وقال يابنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا) *، وقوله تعالى: * (وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله) *، وقوله تعالى: * (ذلكم بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلى الكبير) *، وقوله تعالى: * (كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون) *، وقوله تعالى: * (له الحمد فى الا ولى والا خرة وله الحكم وإليه ترجعون) *، وقوله: * (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) *. وقوله تعالى: * (أفغير الله أبتغى حكما وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلا) *، إلى غير ذلك من الآيات.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»