أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٦
* بشركة وبالتوطي قالا * بعض وأوجب فيه الاتصالا * * وفي البواقي دون ما اضطرار * وأبطلن بالصمت للتذكار * فإن قيل: فما الجواب الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما نسب إليه من القول بصحة الاستثناء المتأخر.
فالجواب أن مراد ابن عباس رضي الله عنهما أن الله عاتب نبيه على قوله إنه سيفعل كذا غدا ولم يقل إن شاء الله، وبين له أن التعليق بمشيئة الله هو الذي ينبغي أن يفعل، لأنه تعالى لا يقع شيء إلا بمشيئته، فإذا نسي التعليق بالمشيئة ثم تذكر ولو بعد طول فإنه يقول إن شاء الله، ليخرج بذلك من عهدة عدم التعليق بالمشيئة، ويكون قد فوض الأمر إلى من لا يقع إلا بمشيئة. فنتيجة هذا الاستثناء هي الخروج من عهدة تركة الموجب للعتاب السابق، لا أنه يحل اليمين لأن تداركها قد فات بالأنفصال. هذا هو مراد ابن عباس كما جزم به الطبري وغيره. وهذا لا محذور فيه ولا إشكال.
وأجاب بعض أهل العلم بجواب آخر وهو أنه نوى الاستثناء بقلبه ونسي النطق به بلسانه. فأظهر بعد ذلك الاستثناء الذي نواه وقت اليمين، هكذا قاله بعضهم. والأول هو الظاهر. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (له غيب السماوات والا رض) *. بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه هو المختص بعلم الغيب في السماوات والأرض. وذكر هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله: * (قل لا يعلم من فى السماوات والا رض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون) * وقوله تعالى: * (عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال) *، وقوله تعالى: * (ما كان الله ليذر المؤمنين على مآ أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن) *، وقوله تعالى: * (ولله غيب السماوات والا رض وإليه يرجع الا مر كله) *، وقوله تعالى: * (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمهآ إلا هو ويعلم ما فى البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الا رض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين) *، وقوله تعالى: * (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الا رض ولا فى السمآء ولا أصغر من ذالك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين) *، وقوله تعالى: * (عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة فى السماوات ولا فى الا رض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين) *، وقوله
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»