ينتفي الغرر.
والثاني من الأنواع الباطلة عند الشافعية هو شركة المفاوضة، وهي عندهم أن يشتركا على أن يكون بينهما جميع كسبهما بأموالهما وأبدانهما، وعليهما جميع ما يعرض لكل واحد منهما من غرم، سواء كان يغصب أو إتلاف أو بيع فاسد أو غير ذلك. ولا شك أن هذا النوع مشتمل على أنواع من الغرر فبطلانه واضح، وهو ممنوع عند المالكية، ولا يجيزون هذا ولا يعنونه ب (شركة المفاوضة) كما قدمنا.
وقد قال الشافعي رحمه الله في هذا النوع: إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة، فلا باطل أعرفه في الدنيا يشير إلى كثرة الغرر والجهالات فيها: لاحتمال أن يكسب كل واحد منهما كسبا دون الآخر، وأن تلزم كل واحد منهما غرامات دون الآخر، فالغرر ظاهر في هذا النوع جدا.
والثالث من الأنواع الباطلة عند الشافعية هو (شركة الوجوه) وهي عندهم أن يشترط الوجيهان ليبتاع كل واحد منهما بمؤجل في ذمته لهما معا فإذا باعا كان الفاضل من الأثمان بينهما. وهذا النوع هو المعروف عند المالكية ب (شركة الذمم). ووجه فساده ظاهر، لما فيه من الغرر، لأن كل منهما يشتري في ذمته ويجعل كل منهما للآخر نصيبا من ربح ما اشترى في ذمته، مقابل نصيب من ربح ما اشترى الآخر في ذمته. والغرر في مثل هذا ظاهر جدا. وبقية أنواع (شركة الوجوه) ذكرناه في الكلام عليها في مذهب مالك، وكلها ممنوعة في مذهب مالك ومذهب الشافعي، ولذا اكتفينا بما قدمنا عن الكلام على بقية أنواعها في مذهب الشافعي أما النوع الرابع من أنواع الشركة الذي هو صحيح عند الشافعية فهو (شركة العنان) وهي: أن يشتركا في مال لهما ليتجرا فيه. ويشترط فيها عندهم صيغة تدل على الإذن في التصرف في مال الشركة، فلو اقتصرا على لفظ (اشتركنا) لم يكف على الأصح عندهم.
ويشترط في الشريكين أهلية التوكيل والتوكل، وهذا الشرط مجمع عليه. وتصح (شركة العنان) عند الشافعية في المثليات مطلقا دون المقومات وقيل: تختص بالنقد المضروب.
ويشترط عندهم فيها خلط المالين. بحيث لا يتميز أحدهما من الآخر. والحيلة عندهم في الشركة في العروض هي أن يبيع كل واحد بعض عرضه ببعض عرض الآخر