أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٢
وهي قولهم: * (لنتخذن عليهم مسجدا) * لأن اتخاذ المساجد من صفات المؤمنين لا من صفات الكفار. هكذا قال بعض أهل العلم. ولقائل أن يقول: اتخاذ المساجد على القبور من فعل الملعونين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا من فعل المسلمين، وقد قدمنا ذلك مستوفي بأدلته في سورة (الحجر) في الكلام على قوله تعالى: * (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين) *. قوله تعالى: * (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربى أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) *. أخبر جل وعلا في هذه الآية الكريمة عن اختلاف الناس في عدة أصحاب الكهف، فذكر ثلاثة أقوال. على أنه لا قائل برابع، وجاء في الآية الكريمة بقرينة تدل على أن القول الثالث هو الصحيح والأرلان باطلان، لأنه لما ذكر القولين الأولين بقوله: * (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم) * أتبع ذلك بقوله * (رجما بالغيب) * أي قولا بلا علم، كمن يرمى إلى مكان لا يعرفه فإنه لا يكاد يصيب، وإن أصاب بلا قصد، كقوله: * (ويقذفون بالغيب من مكان) * وقال القرطبي: الرجم القول بالظن، يقال لكل ما يخرص رجم فيه ومرجوم ومرجم كما قال زهير: ويقذفون بالغيب من مكان) * وقال القرطبي: الرجم القول بالظن، يقال لكل ما يخرص رجم فيه ومرجوم ومرجم كما قال زهير:
* وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم * وما هو عنها بالحديث المرجم * ثم حكى القول الثالث بقوله: * (ويقولون خمسة سادسهم كلبهم) * فأقره، ولم يذكر بعده أن ذلك رجم بالغيب، فدل على أن الصحيح. وقوله * (ما يعلمهم إلا قليل) * قال ابن عباس: أنا من ذلك القليل الذي يعلمهم، كانوا سبعة. وقوله: * (قل ربى أعلم بعدتهم) * فيه تعليم للناس أن يردوا علم الأشياء إلى خالقها جل وعلا وإن علموا بها، كما أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم بمدة لبثهم في قوله: * (ولبثوا فى كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا) * ثم أمره مع ذلك برد العلم إليه جل وعلا في قوله جل وعلا: * (قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والا رض) *. وما قدمنا من أنه لا قائل يرابع قاله ابن كثير أخذا من ظاهر الآية الكريمة. مع أن ابن إسحاق وابن جريج قالا: كانوا ثمانية. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ولا تقولن لشىء إنى فاعل ذالك غدا إلا أن يشآء الله) *. نهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يقول: إنه سيفعل شيئا في المستقبل إلا معلقا ذلك على مشيئة
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»