أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٤٦
العمل من الآخر، فتزاد حصته لزيادة عمله.
هذا خلاصة مذاهب الأئمة الأربعة في أنواع الشركة. وقد علمت أنهم أجمعوا على جواز شركة العنان، وشركة المضاربة، وشركة الأملاك. واختلفوا فيما سوى ذلك. فأجاز الحنفية والحنابلة شركة الوجوه، ومنعها المالكية والشافعية.
وأجاز المالكية والحنفية والحنابلة شركة الأبدان إلا في اكتساب المباحات فقط فلم يجزه الحنفية. ومنع الشافعية شركة الأبدان مطلقا.
وأجاز المالكية شركة المفاوضة، وصورها بصورة العنان عند الشافعية والحنابلة.
وأجاز الحنفية شركة المفاوضة، وصوروها بغير ما صورها به المالكية، وأجاز الحنابلة نوعا من أنواع المفاوضة وصوروه بصورة مخالفة لتصوير غيرهم لها. ومنع الشافعية المفاوضة كما منعوا شركة الأبدان والوجوه. وصوروا المفاوضة بصورة أخرى كما تقدم.
والشافعية إنما يجيزون الشركة بالمثلى مطلقا نقدا أو غيره، لا بالمقومات.
والحنفية لا يجيزونها إلا بالنقدين والتبر والفلوس النافقة. والحنابلة لا يجيزونها إلا بالدنانير والدراهم كما تقدم جميع ذلك.
وقد بينا كيفية الحيلة في الاشتراك بالعروض عند الشافعية والحنفية، وعند المالكية تجوز بدنانير من كل واحد منهما، وبدراهم من كل واحد منهما، وبدنانير ودراهم من كل واحد منهما، وبنقد من أحدهما وعرض من الآخر، وبعرض من كل واحد منهما سواء اتفقا أو اختلفا، وقيل: إن اتفقا لا إن اختلفا، إلا أن العروض تقوم. وأما خلط المالين فلا بد منه عند الشافعي رحمه الله حتى لا يتميز أحدهما عن الآخر كما تقدم. ويكفي في مذهب مالك أن يكون المالان في حوز واحد. ولو كان كل واحد من المالين في صرته لم يختلط بالآخر. ولا يشترط خلط المالين عند الحنفية كما تقدم. وكذلك لا يشترط خلط المالين عند الحنابلة.
فتحصل أنه لم يشترط خلط المالين إلا الشافعية: وأن المالكية إنما يشترطون كون المالين في محل واحد. كحانوت أو صندوق، وإن كان كل واحد منهما متميزا عن الآخر.
فإذا عرفت ملخص كلام العلماء في أنواع الشركة، فسنذكر ما تيسر من أدلتها. أما النوع الذي تسميه المالكية (مفاوضة) ويعبر عنه الشافعية والحنابلة بشركة العنان. فقد
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»