أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٠
عندنا) متفق عليه. وفيه التوكيل على القيام على البدن والتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها. وعدم إعطاء الجازر شيئا منها.
ومنها حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها على أصحابه فبقي عتود، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال (ضح أنت به) متفق عليه أيضا. وفيه الوكالة في تقسيم الضحايا، والأحاديث بمثل ذلك كثيرة. وقد أخرج الشيخان في صحيحهما طرفا كافيا منها ذكرنا بعضه هنا.
وقد قال ابن حجر في فتح الباري في كتاب الوكالة ما نصه: اشتمل كتاب الوكالة يعني من صحيح البخاري على ستة وعشرين حديثا، المعلق منها ستة، والبقية موصولة. المكرر منها فيه وفيما مضى اثنا عشر حديثا، والبقية خالصة وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث عبد الرحمن بن عوف في قتل أمية بن خلف، وحديث كعب بن مالك في الشاة المذبوحة، وحديث وفد هوازن من طريقيه، وحديث أبي هريرة في حفظ زكاة رمضان، وحديث عقبة بن الحارث في قصة النعيمان، وفيه من الآثار عن الصحابة وغيرهم ستة آثار، والله أعلم. انتهى من فتح الباري. وكل تلك الأحاديث دالة على جواز الوكالة وصحتها.
وأما الإجماع فقد أجمع المسلمون على جواز الوكالة وصحتها في الجملة وقال ابن قدامة في المغني: وأجمعت الأمة على جواز الوكالة في الجملة، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك. فإن لا يمكن كل أحد فعل ما يحتاج إليه فدعت الحاجة إليها، انتهى منه. وهذا مما لا نزاع فيه.
فروع تتعلق بمسألة الوكالة الفرع الأول لا يجوز التوكيل إلا في شيء تصح النيابة فيه. فلا تصح في فعل محرم، لأن التوكيل من التعاون، والله يقول: * (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) *.
ولا تصح في عبادة محضة كالصلاة والصوم ونحوهما، لأن ذلك مطلوب من كل أحد بعينه، فلا ينوب فيه أحد من أحد، لأن الله يقول: * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) *. أما الحج عن الميت والمعضوب، والصوم عن الميت فقد دلت أدلة أخر على
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»