في الصناعات دون اكتساب المباحات.
وإن اشتركا على أن يتقبل أحدهما للعمل ويعمله الثاني والأجرة بينهما صحت الشركة عند الحنابلة والحنفية خلافا لزفر. والربح في شركة الأبدان على ما انفقوا عليه عند الحنابلة.
وأما شركة الوجوه التي قدمنا أنها هي المعروفة بشركة الذمم عند المالكية فهي جائزة أيضا في مذهب الإمام أحمد وفاقا لأبي حنيفة، وخلافا لمالك والشافعي. وأما شركة العنان فهي جائزة أيضا عند الإمام أحمد. وقد قدمنا الإجماع على جوازها. وهي عندهم: أن يشترك رجلان بماليهما على أن يعملا فيهما بأبدانهما والربح بينهما. وهذه الشركة إنما تجوز عندهم بالدنانير والدراهم، ولا تجوز بالعروض.
وأما شركة المفاوضة فهي عند الحنابلة قسمان: أحدهما جائز، والآخر ممنوع.
وأما الجائز منهما فهو أن يشتركا في جميع أنواع الشركة. كأن يجمعا بين شركة العنان والوجوه والأبدان فيصح ذلك، لأن كل نوع منها يصح على انفراده فصح مع غيره.
وأما النوع الممنوع عندهم منها فهو أن يدخلا بينهما في الشركة الاشتراك فيما يحصل لكل واحد منهما من ميراث أو يجده من ركاز أو لقطة. ويلزم كل واحد منهما ما لزم الآخر من أرش جناية وضمان غصب، وقيمة متلف، وغرامة ضمان، وكفالة وفساد هذا النوع ظاهر لما فيه من الغرر كما ترى.
وأما شركة المضاربة وهي القراض فهي جائزة عند الجميع وقد قدمنا أنها هي: أن يدفع شخص لآخر ما لا يتجر فيه على أن يكون الربح بينهما بنسبة يتفقان عليها، وكون الربح في المضاربة بحسب ما اتفقا عليه لا خلاف فيه بين العلماء، سواء كان النصف أو أقل أو كثر لرب المال أو للعامل.
وأما شركة العنان عند الشافعية والحنابلة والحنفية والمالكية، وشركة المفاوضة عند المالكية فاختلف في نسبة الربح، فذهب مالك والشافعي إلى أنه لا بد من كون الربح والخسران بحسب المالين، وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أن الربح بينهما على ما اتفقا عليه، فلهما أن يتساويا في الربح مع تفاضل المالين.
وحجة القول الأول أن الربح تبع للمال، فيلزم أن يكون بحسبه. وحجة القول الأخير أن العمل مما يستحق به الربح، وقد يكون أحدهما أبصر بالتجارة وأقوى على