أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢١٢
وقد قدمنا في سورة (النساء) أن علي بن سليمان الأخفش الصغير أجاز النصب بنزع الخافض عند أمن اللبس مطلقا. ولكن نصب قوله * (أمدا) *، بقوله * (لبثوا) * غير سديد كما ذكره الزمخشري وابن عطية وكما لا يخفى ا ه.
وأجاز الكوفيون نصب المفعول بصيغة التفضيل، وأعربوا قول العباس بن مرداس السلمي: وأجاز الكوفيون نصب المفعول بصيغة التفضيل، وأعربوا قول العباس بن مرداس السلمي:
* فلم أر مثل الحي حيا مصبحا * ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا * * أكر وأحمي الحقيقة منهم * وأضرب منا بالسيوف القوانسا * بأن (القوانس) مفعول به لصيغة التفضيل التي هي أضرب. قالوا ولا حاجة لتقدير فعل محذوف ومن قال هنا قال بعض النحويين: إن * (من) * في قوله تعالى: * (إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله) * منصوب بصيغة التفضيل قبله نصب المفعول به.
قال مقيده عفا الله عنه، وغفر له: ومذهب الكوفيين هذا أجرى عندي على المعنى المعقول. لأن صيغة التفضيل فيها معنى المصدر الكامن فيها فلا مانع من عملها عمله. ألا ترى أن قوله: وأضرب منا بالسيوف القوانسا معناه: يزيد ضربنا بالسيوف القوانس على ضرب غيرنا، كما هو واضح. وعلى هذا الذي قررنا فلا مانع من كون * (أمدا) * منصوب ب * (أحصى) * نصب المفعول به على أنه صيغة تفضيل. وإن كان القائلون بأن * (أحصى) * صيغة تفضيل أعربوا * (أمدا) * بأنه تمييز.
تنبيه فإن قيل: ما وجه رفع * (أي) * من قوله: * (لنعلم أي الحزبين أحصى) *، مع أنه في محل نصب لأنه مفعول به؟ فالجواب أن العلماء في ذلك أجوبة، منها، أن * (أي) * فيها معنى الاستفهام، والاستفهام يعلق الفعل عن مفعوليه كما قال ابن مالك في الخلاصة عاطفا على ما يعلق الفعل القلبي عن مفعوليه: لنعلم أي الحزبين أحصى) *، مع أنه في محل نصب لأنه مفعول به؟ فالجواب أن العلماء في ذلك أجوبة، منها، أن * (أي) * فيها معنى الاستفهام، والاستفهام يعلق الفعل عن مفعوليه كما قال ابن مالك في الخلاصة عاطفا على ما يعلق الفعل القلبي عن مفعوليه:
* وإن ولا لام ابتداء أو قسم * كذا والاستفهام ذاله انحتم * ومنها ما ذكره الفخر الرازي وغيره: من أن الجملة بمجموعها متعلق العلم. ولذلك السبب لم يظهر عمل قوله * (لنعلم) * في لفظة * (أي) * بل بقيت على ارتفاعها. ولا يخفى عدم اتجاه هذا القول كما ترى.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»