يعرضون على ربهم ويقول الا شهاد هاؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين) *، والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا. قوله تعالى: * (وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيىء لكم من أمركم مرفقا) *. (إذ) في قوله * (وإذ اعتزلتموهم) * للتعليل على التحقيق، كما قاله ابن هشام وعليه فالمعنى: ولأجل اعتزالكم قومكم الكفار وما يعبدونه من دون الله، فاتخذوا الكهف مأوى ومكان اعتصام، ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيىء لكم من أمركم مرفقا، وهذا يدل على أن اعتزال المؤمن قومه الكفار ومعبوديهم من أسباب لطف الله به ورحمته.
وهذا المعنى يدل عليه أيضا قوله تعالى في نبيه إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: * (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربى عسى ألا أكون بدعآء ربى شقيا فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا) *. واعتزالهم إياهم هو مجانبتهم لهم، وفرارهم منهم يدينهم.
وقوله: * (وما يعبدون من دون الله) * اسم موصول في محل نصب معطوف على الضمير المنصوب في قوله: * (اعتزلتموهم) * أي واعتزلتم معبوديهم من دون الله. وقيل: (ما) مصدرية، أي اعتزلتموهم واعتزلتم عبادتهم غير الله تعالى. والأول أظهر.
وقوله: * (إلا الله) * قيل: هو استثناء متصل، بناء على أنهم كانوا يعبدون الله والأصنام. وقيل: هو استثناء منقطع. بناء على القول بأنهم كانوا لا يعبدون إلا الأصنام، ولا يعرفون الله ولا يعبدونه.
وقوله: * (مرفقا) * أي ما ترتفقون به أي تنتفعون به. وقرأه نافع وابن عامر بفتح الميم وكسر الفاء مع تفخيم الراء. وقرأه باقي السبعة بكسر الميم وفتح الفاء وترقيق الراء، وهما قراءتان ولغتان فيما يرتفق به، وفي عضو الإنسان المعروف. وأنكر الكسائي في (المرفق) بمعنى عضو الإنسان فتح الميم وكسر الفاء، وقال: هو بكسر الميم وفتح الفاء، ولا يجوز غير ذلك.
وزعم ابن الأنباري أن (من) في قوله: * (ويهيىء لكم من أمركم) * بمعنى البدلية، أي يهيىء لكم بدلا من (أمركم) الصعب مرفقا: وعلى هذا الذي زعم غاية كقوله