أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ١٥٦
وجعل لكم السمع والا بصار والأفئدة لعلكم تشكرون) *، ونحوها من الآيات. والإشارة في قوله تعالى في هذه الآية الكريمة بقوله: * (أولائك) * راجعة إلى * ( السمع والبصر والفؤاد) * وهو دليل على الإشارة (بأولئك) لغير العقلاء وهو الصحيح. ومن شواهده في العربية قول الشاعر وهو العرجي: السمع والبصر والفؤاد) * وهو دليل على الإشارة (بأولئك) لغير العقلاء وهو الصحيح. ومن شواهده في العربية قول الشاعر وهو العرجي:
* يا ما أميلح غزلانا شدن لنا * من هؤلياء كن الضال والسمر * وقول جرير:
* ذم المنازل بعد منزلة اللوى * والعيش بعد أولئك الأيام * خلافا لمن زعم أن بيت جرير لا شاهد فيه، وأن الرواية فيه (بعد أولئك الأقوام) والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ولا تمش فى الا رض مرحا إنك لن تخرق الا رض ولن تبلغ الجبال طولا) *. نهى الله جل وعلا الناس في هذه الآية الكريمة عن التجبر والتبختر في المشية. وقوله * (مرحا) * مصدر منكر، وهو حال على حد قول ابن مالك في الخلاصة: مرحا) * مصدر منكر، وهو حال على حد قول ابن مالك في الخلاصة:
* ومصد منكر حالا يقع * بكثرة كبغتة زيد طلع * وقرئ (مرحا) بكسر الراء على أنه الوصف من مرح (بالكسر) يمرح (بالفتح) أي لا تمش في الأرض في حال كونك متبخترا متمايلا مشي الجبارين.
وقد أوضح حل وعلا هذا المعنى في مواضع أخر. كقوله عن لقمان مقررا له * (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش فى الا رض مرحا إن الله لا يحب كل واقصد فى مشيك) *، وقوله: * (وعباد الرحمان الذين يمشون على الا رض هونا) *، إلى غير ذلك من الآيات.
وأصل المرح في اللغة: شدة الفرح والنشاط، وإطلاقه على مشي الإنسان متبخترا مشي المتكبرين، لأن ذلك من لوازم شدة الفرح والنشاط عادة.
وأظهر القولين عندي في قوله تعالى: * (إنك لن تخرق الا رض) * أن معناه لن تجعل فيها خرقا بدوسك لها وشدة وطئك عليها، ويدل لهذا المعنى قوله بعده * (ولن تبلغ الجبال طولا) * أي أنت أيها المتكبر المختال: ضعيف حقير عاجز محصور بين جمادينا أنت عاجز عن التأثير فيهما. فالأرض التي تحتك لا تقدر أن
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»