أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ١٦١
فجازاهم الله على كفرهم بطمس البصائر، وإزاغة القلوب والطبع والختم والأكنة المانعة من وصول الخير إليها، كقوله تعالى: * (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) *، وقوله: * (بل طبع الله عليها بكفرهم) *، وقوله: * (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) *، وقوله: * (فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) *، وقوله: * (وأما الذين فى قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) *، إلى غير ذلك من الآيات.
تنبيه في هذه الآية الكريمة الرد الواضح على القدرية في قولهم: إن الشر لا يقع بمشيئة الله، بل بمشيئة العبد. سبحان الله وتعالى علوا كبيرا عن أن يقع في ملكه شيء ليس بمشيئته؟ * (ولو شآء الله مآ أشركوا) *، * (ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها) *، * (ولو شآء الله لجمعهم على الهدى) * إلى غير ذلك من الآيات. * (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفىءاذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك فى القرءان وحده ولوا على أدبارهم نفورا * نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * انظر كيف ضربوا لك الا مثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا * وقالوا أءذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا * قل كونوا حجارة أو حديدا * أو خلقا مما يكبر فى صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذى فطركم أول مرة فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا * يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا * وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا * ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم ومآ أرسلناك عليهم وكيلا * وربك أعلم بمن فى السماوات والا رض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وءاتينا داوود زبورا * قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا * أولائك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا) * قوله تعالى: * (وإذا ذكرت ربك فى القرءان وحده ولوا على أدبارهم نفورا) *. بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أن نبيه صلى الله عليه وسلم إذا ذكر ربه وحده في القرآن بأن قال (لا إله لا الله) ولى الكافرون على أدبارهم نفورا، بغضا منهم لكلمة التوحيد، ومحبة للإشراك به جل وعلا.
وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر، مبينا أن نفورهم من ذكره وحده جل وعلا سبب خلودهم في النار، كقوله: * (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالا خرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون) *، وقوله: * (ذلكم بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلى الكبير) *، وقوله: * (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إلاه إلا الله يستكبرون ويقولون أءنا لتاركو ءالهتنا لشاعر مجنون) *، وقوله: * (كبر على المشركين ما تدعوهم إليه) *، وقوله: * (وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات تعرف فى وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم ءاياتنا) *، وقوله: * (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهاذا القرءان والغوا فيه لعلكم تغلبون) *.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»